الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

                                                                                                          364 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا ابن أبي ليلى عن الشعبي قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فسبح به القوم وسبح بهم فلما صلى بقية صلاته سلم ثم سجد سجدتي السهو وهو جالس ثم حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل بهم مثل الذي فعل قال وفي الباب عن عقبة بن عامر وسعد وعبد الله بن بحينة قال أبو عيسى حديث المغيرة بن شعبة قد روي من غير وجه عن المغيرة بن شعبة قال أبو عيسى وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه قال أحمد لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى وقال محمد بن إسمعيل ابن أبي ليلى هو صدوق ولا أروي عنه لأنه لا يدري صحيح حديثه من سقيمه وكل من كان مثل هذا فلا أروي عنه شيئا وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة رواه سفيان عن جابر عن المغيرة بن شبيل عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة وجابر الجعفي قد ضعفه بعض أهل العلم تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا قام في الركعتين مضى في صلاته وسجد سجدتين منهم من رأى قبل التسليم ومنهم من رأى بعد التسليم ومن رأى قبل التسليم فحديثه أصح لما روى الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بحينة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا ابن أبي ليلى ) هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي . القاضي أبو عبد الرحمن صدوق سيئ الحفظ جدا قاله الحافظ في التقريب ، أخذ عن أخيه عيسى والشعبي وعطاء وغيرهم ( عن الشعبي ) بفتح الشين المعجمة هو عامر بن شراحيل الشعبي ثقة مشهور فقيه فاضل . قال مكحول : ما رأيت أفقه منه ، ولد لست سنين خلت من خلافة عمر ، وروى عنه وعن علي وابن مسعود ولم يسمع منهم ، وعن أبي هريرة وعائشة وجرير وابن عباس وخلق ، قال أدركت خمسمائة من الصحابة ، وعنه ابن سيرين والأعمش وشعبة وخلق .

                                                                                                          قوله : ( فنهض في الركعتين ) يعني أنه قام إلى الركعة الثالثة ولم يتشهد بعد الركعتين ( فسبح به القوم ) أي قالوا سبحان الله ليرجع عن القيام ويجلس على الركعتين ( وسبح بهم ) أي قال سبحان [ ص: 299 ] الله مشيرا إليهم أن يقوموا . فالباء بمعنى اللام كما في قوله تعالى : فكلا أخذنا بذنبه ( فلما قضى صلاته سلم ، ثم سجد سجدتي السهو ) استدل به من قال إن سجود السهو بعد التسليم وسيجيء الكلام فيه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عقبة بن عامر وسعد وعبد الله ابن بحينة ) أما حديث عقبة بن عامر فأخرجه الطبراني في الكبير عنه أنه قام في صلاته وعليه جلوس ، فقال الناس : سبحان الله سبحان الله فعرف الذي يريدون ، فلما أتم صلاته سجد سجدتين وهو جالس ، ثم قال : سمعتكم تقولون : سبحان الله لكي أجلس وأن ليس تلك السنة إنما السنة التي صنعت . قال المنذري : رواه الطبراني في الكبير من رواية الزهري عن عقبة ولم يسمع منه ، وفيه عبد الله بن صالح وهو مختلف في الاحتجاج به . وأما حديث سعد وهو سعد بن أبي وقاص ففي مجمع الزوائد عن قيس بن أبي حازم قال : صلى بنا سعد بن أبي وقاص فنهض في الركعتين فسبحنا له فاستتم قائما ، قال : فمضى في قيامه حتى فرغ قال : أكنتم ترون أن أجلس ؟ إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع . قال أبو عثمان عمرو بن محمد الناقد : لم نسمع أحدا يرفع هذا الحديث غير أبي معاوية ، رواه أبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح . وأما حديث عبد الله ابن بحينة فأخرجه الجماعة .

                                                                                                          قوله : ( وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه ، قال أحمد : لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى ) قال الذهبي في الميزان : صدوق إمام سيئ الحفظ وقد وثق ، قال أحمد بن عبد الله العجلي : كان فقيها صدوقا صاحب سنة جائز الحديث ، وقال أبو زرعة : ليس بأقوى ما يكون . وقال أحمد : مضطرب الحديث . وقال شعبة : ما رأيت أسوأ من حفظه . وقال يحيى القطان : سيئ الحفظ جدا . وقال يحيى بن معين : ليس بذلك ، وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال الدارقطني : رديء الحفظ كثير الوهم . وقال أبو أحمد الحاكم : عامة أحاديثه مقلوبة ، انتهى ما في الميزان مختصرا .

                                                                                                          [ ص: 300 ] قوله : ( وروى سفيان عن جابر ) هو جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي ( عن المغيرة بن شبيل ) بضم الشين مصغرا وفي بعض النسخ شبل . قال الحافظ : المغيرة بن شبل بكسر المعجمة وسكون الموحدة ويقال : بالتصغير البجلي الأحمسي أبو الطفيل الكوفي ثقة من الرابعة ( عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة ) أخرجه أبو داود وابن ماجه من هذا الطريق بلفظ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس فإن استوى قائما فلا يجلس وليسجد سجدتي السهو ، وجابر الجعفي قد ضعفه بعض أهل العلم ، تركه يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهما ، جابر الجعفي هذا أحد علماء الشيعة يؤمن برجعة علي بن أبي طالب ، قال الثوري : كان جابر ورعا في الحديث .

                                                                                                          وقال شعبة : صدوق . وإذا قال حدثنا وسمعت فهو من أوثق الناس . وقال وكيع : إن جابرا ثقة ، هذه أقوال المعدلين فيه . وأما أقوال الجارحين فقال أيوب : كذاب ، وقال إسماعيل بن أبي خالد : اتهم بالكذب وتركه يحيى القطان وقال أبو حنيفة النعمان الكوفي : ما رأيت أكذب من جابر الجعفي . وقال ليث بن أبي سليم : كذاب ، وقال النسائي وغيره : متروك وتركه سفيان بن عيينة ، وقال الجوزجاني : كذاب .

                                                                                                          وقال ابن عدي : عامة ما قذفوه به أنه كان يؤمن بالرجعة وليس لجابر الجعفي والنسائي وأبي داود سوى حديث واحد في سجود السهو .

                                                                                                          وقال ابن حبان : كان يقول إن عليا يرجع إلى الدنيا .

                                                                                                          وقال زائدة : جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والحاصل أن جابرا ضعيف رافضي لا يحتج به ، كذا في غاية المقصود .

                                                                                                          قلت : وقال الحافظ في التلخيص : وهو ضعيف جدا ، انتهى . وقال في التقريب : ضعيف رافضي .

                                                                                                          [ ص: 301 ] قوله : ( منهم من رأى قبل التسليم ومنهم من رأى بعد التسليم إلخ ) يجيء الكلام في هذه المسألة في أبواب السجود .




                                                                                                          الخدمات العلمية