الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                بسم الله الرحمن الرحيم كتاب السلام باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير

                                                                                                                2160 حدثني عقبة بن مكرم حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج ح وحدثني محمد بن مرزوق حدثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني زياد أن ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير [ ص: 317 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 317 ] كتاب السلام باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير هذا أدب من آداب السلام . واعلم أن ابتداء السلام سنة ، ورده واجب ، فإن كان المسلم جماعة فهو سنة كفاية في حقهم ، إذا سلم بعضهم حصلت سنة السلام في حق جميعهم ، فإن كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد ، وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم ، فإذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين ، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام ، وأن يرد الجميع . وعن أبي يوسف أنه لا بد أن يرد الجميع . ونقل ابن عبد البر وغيره إجماع المسلمين على أن ابتداء السلام سنة ، وأن رده فرض ، وأقل السلام أن يقول : السلام عليكم ، فإن كان المسلم عليه واحدا فأقله السلام عليك ، والأفضل أن يقول : السلام عليكم ليتناوله وملكيه ، وأكمل منه أن يزيد ورحمة الله ، وأيضا وبركاته ، ولو قال : سلام عليكم أجزأه . واستدل العلماء لزيادة : ورحمة الله وبركاته بقوله تعالى إخبارا عن سلام الملائكة بعد ذكر السلام رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت . وبقول المسلمين كلهم في التشهد : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .

                                                                                                                ويكره أن يقول المبتدي : عليكم السلام ، فإن قاله استحق الجواب على الصحيح المشهور ، وقيل : لا يستحقه ، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقل عليك السلام ؛ فإن عليك السلام تحية الموتى ) والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 318 ] وأما صفة الرد فالأفضل والأكمل أن يقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، فيأتي بالواو ، فلو حذفها جاز ، وكان تاركا للأفضل ، ولو اقتصر على : وعليكم السلام ، أو على : عليكم السلام أجزأه ، ولو اقتصر على : عليكم لم يجزه ، بلا خلاف ، ولو قال : وعليكم بالواو ففي إجزائه وجهان لأصحابنا . قالوا : وإذا قال المبتدي : سلام عليكم ، أو السلام عليكم ، فقال المجيب مثله : سلام عليكم ، أو السلام عليكم ، كان جوابا وأجزأه . قال الله تعالى : قالوا سلاما قال سلام . ولكن بالألف واللام أفضل .

                                                                                                                وأقل السلام ابتداء وردا أن يسمع صاحبه ، ولا يجزئه دون ذلك ، ويشترط كون الرد على الفور ، ولو أتاه سلام من غائب مع رسول أو في ورقة وجب الرد على الفور ، وقد جمعت في كتاب الأذكار نحو كراستين في الفوائد المتعلقة بالسلام ، وهذا الذي جاء به الحديث من تسليم الراكب على الماشي ، والقائم على القاعد ، والقليل على الكثير ، وفي كتاب البخاري : والصغير على الكبير ، كله للاستحباب ، فلو عكسوا جاز ، وكان خلاف الأفضل .

                                                                                                                وأما معنى السلام فقيل : هو اسم الله تعالى ، فقوله : السلام عليك أي اسم السلام عليك ، ومعناه اسم الله عليك أي أنت في حفظه كما يقال : الله معك ، والله يصحبك . وقيل : السلام بمعنى السلامة ، أي السلامة ملازمة لك .




                                                                                                                الخدمات العلمية