الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            2685 - ذكر إسلام زيد بن سعنة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحلمه صلى الله عليه وآله وسلم

                                                                                            6606 - أخبرني دعلج بن أحمد السجزي ، ببغداد ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا [ ص: 793 ] محمد بن أبي السري العسقلاني ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، عن أبيه ، عن جده ، عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إن الله تبارك وتعالى لما أراد هدي زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة : ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وآله وسلم حين نظرت إليه إلا شيئين لم أخبرهما منه : هل يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، فكنت ألطف به لأن أخالطه فأعرف حلمه من جهله قال زيد بن سعنة : فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما من الحجرات ، ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأتاه رجل على راحلته كالبدوي ، فقال : يا رسول الله إن بصرى قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام ، وكنت حدثتهم إن أسلموا آتاهم الرزق رغدا ، وقد أصابتهم سنة وشدة وقحوط من الغيث ، فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا ، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت ، فنظر إلى رجل إلى جانبه أراه عليا رضي الله عنه ، فقال : يا رسول الله ما بقي منه شيء . قال زيد بن سعنة : فدنوت إليه فقلت : يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا ؟ فقال : " لا يا يهودي ، ولكن أبيعك تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ، ولا أسمي حائط بني فلان " فقلت : نعم ، فبايعني فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا فأعطاها الرجل ، فقال : اعدل عليهم وأعنهم بها ، فقال زيد بن سعنة : فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه ، ونظرت إليه بوجه غليظ فقلت له : ألا تقضيني يا محمد حقي فوالله ما علمتم يا بني عبد المطلب سيئ القضاء مطل ، ولقد كان لي بمخالطتكم علم . ونظرت إلى عمر ، فإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير ، ثم رماني ببصره ، فقال : يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما أسمع وتصنع به ما أرى ، فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر قوته لضربت بسيفي رأسك ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم ، ثم قال : " يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا أن تأمرني بحسن الأداء ، وتأمره بحسن التباعة ، اذهب به يا عمر فاعطه حقه ، وزده عشرين صاعا من تمر " فقلت : ما هذه الزيادة يا عمر ؟ قال : أمرني رسول [ ص: 794 ] الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أزيدك مكان ما نقمتك ، قلت : أتعرفني يا عمر ؟ قال : لا ، من أنت ؟ قلت : زيد بن سعنة . قال : الحبر ؟ قلت : الحبر . قال : فما دعاك أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعلت ، وقلت له ما قلت ؟ قلت له : يا عمر ، لم يكن له من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين نظرت إليه إلا اثنين لم أخبرهما منه : هل يسبق حلمه جهله ، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ؟ فقد اختبرتهما فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ، وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرهم مالا - صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال عمر رضي الله عنه : أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم . قلت : أو على بعضهم ، فرجع زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال زيد : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . وآمن به وصدقه وبايعه ، وشهد معه مشاهد كثيرة ، ثم توفي زيد في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر ورحم الله زيدا .

                                                                                            هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وهو من غرر الحديث ومحمد بن أبي السري العسقلاني ثقة .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية