الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كان المبيع جارية ثيبا فوطئها ثم علم بالعيب فله أن يردها لأنه انتفاع لا يتضمن نقصا فلم يمنع الرد كالاستخدام ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذه مسألة مشهورة اختلف العلماء فيها على ثمانية مذاهب . ( أحدها ) أن يردها كما ذكره المصنف ، ولا يرد معها شيئا ، وهو مذهبنا الذي نص عليه الشافعي والأصحاب ، ولم يختلفوا فيه ، وبه قال زيد بن ثابت فيما قيل وعثمان ومالك والليث بن سعد وأبو ثور ، ولا فرق عندنا في ذلك بين أن يكون بعد القبض أو قبله ، ولا يكون بالوطء قابضا لها على المشهور ، ولا مهر عليه إن سلمت وقبضها ، فإن تلفت قبل القبض فهل عليه المهر للبائع ؟ وجهان بناء على أن الفسخ قبل القبض رفع للعقد من أصله أو من حينه ؟ والصحيح لا مهر . ولا فرق بين أن يكون المردود عليه ممن تحرم عليه بوطء المشتري كأب وابنه أو لا فإن ذلك لا يمنع الرد . ( والمذهب الثاني ) أنه لا يرد ولا يرجع بالأرش ، وهو قول أبي حنيفة والثوري وأبي يوسف وإسحاق ، وروي ذلك عن عمر وعلي بن أبي طالب وابن سيرين والزهري . [ ص: 430 ] والثالث ) أنه يردها ويرد معها مهر مثلها ، وهو قول ابن أبي ليلى وشريح في رواية ، وقيل : إنه روي نحو ذلك عن عمر قال ابن المنذر : المهر في قول ابن أبي ليلى يأخذ العشر من قيمتها ونصفا فيجعل المهر نصف ذلك يعني يكون المهر ثلاثة أرباع عشر قيمتها . بذلك صرح عنه غيره . ( الرابع ) يردها ويرد معها مهر مثلها بالغا ما بلغ ، وهو قول ابن شبرمة ، والحسن بن حي وعبد الله بن الحسن .

                                      ( والخامس ) يردها ويرد معها نصف عشر ثمنها ، وهو قول شريح والنخعي وقتادة ، وروي من طريق الشعبي عن عمر . ( والسادس ) يردها ويرد معها حكومة وهو قول الشعبي . ( والسابع ) أنها لازمة ، لو صح ذلك عن الحسن وعمر بن عبد العزيز ، وهي رواية عن علي بن أبي طالب ، فلا يردها ولا يرجع بشيء على هذا القول . ( والثامن ) يردها ويرد معها عشر ثمنها ، وهو قول ابن المسيب ، وروي عن ابن المسيب يرد معها عشرة دنانير ، ولعل ذلك كان عشر ثمنها فلذلك لم أعده مذهبا آخر دون تحقيق . هذا في وطء الثيب . وأما البكر فسيأتي الكلام بها في كلام المصنف إن شاء الله تعالى ، ومن هذه الأقوال التي حكيتها ما وردت مطلقة من غير تخصيص لثيب ولا بكر ، وهو قول الشعبي والحسن وابن المسيب وهذه المذاهب الثمانية ترجع إلى أربعة أقوال : يردها ولا شيء معها كمذهبنا ، أو بامتناع ردها والرجوع بالأرش ، كمذهب أبي حنيفة ، أو بامتناع ردها ولا يرجع بشيء كمذهب الحسن وعمر بن عبد العزيز ، أو يردها ويرد معها شيئا كمذهب الباقين . فأما من يقول : بردها ورد شيء معها فالوجه تأخير الكلام عليه ، وتقديم الكلام على المذهبين الأولين عليه ، الثالث يشارك الثاني في القول بامتناع الرد عليهما في ذلك واحد ، فليجعل الكلام في جواز الرد [ ص: 431 ] وامتناعه ، ومعتمدنا في ذلك أن وطء الثيب شيء لا ينقص من عينها ولا من قيمتها ولا يتضمن الرضا بعيبها فوجب أن لا يمتنع من ردها بالاستخدام ، وقولنا : لا ينقص من عينها احتراز من قطع الطرف ، ومن قيمتها احتراز من حدوث عيب في يد المشتري .

                                      وقولنا : ولا يتضمن الرضا بعينها احتراز من وطئها بعد العلم بعيبها وغير ذلك مما يوجب الرضا . وهذا الدليل الذي ذكره المصنف ، واستدلال الشافعي بأن الوطء أقل ضررا من الخدمة ، يعني : أن الوطء يمتع ويلذ ويطرب والخدمة تلد وتزيت وتتعب ، فإذا لم تمنع الخدمة من الرد فالوطء أولى أن لا يمنع ، فهذا الدليل هو الأول لكن بقياس الأولى . وأيضا بالقياس على وطء الزوج . وقد اتفقوا على أنه لا يمنع الرد . ولذلك إذا أكرهها إنسان على الوطء فإن كان وطء الثيب يقتضي وجوب أن يقع وطء الزوجة والمكرهة ، فإن لم ينقص وجب أن لا يمنع وطء السيد ، وبالقياس على ما إذا غصبها المشتري من البائع فوطئها ثم ردها حتى يوفيه الثمن ، فلما وفاه وسلمها إليه وجد بها عيبا له أن يردها عندنا وعندهم ، فإن أعتذروا عن وطء الزوج بأنه مستحق ، فوطء المشتري مستحق ، وأيضا يبطل بوطء الزوج بالبكر فإنه مستحق . ومع ذلك قالوا بامتناع ردها ، فإن اعتذروا بأن منافع بضع الزوجة غير مملوكة بالشراء وإنما يمتنع الرد بوطء السيد لأنه كأنه حبس بعض أجزاء المبيع فلذلك منع وطء السيد ولم يمنع وطء الزوج الثيب . وأما البكر فجلدة البكارة مستحقة للمشتري لأنها عين حقيقة ، والنكاح محل المنافع إلا أن تلك الجلدة تتلف للضرورة ، وإذا كانت مستحقة بالبيع فأتلفها الزوج امتنع الرد لفوات بعض المبيع . ( فالجواب ) أن منفعة البضع مملوكة بالشراء للسيد بدليل أن الزوج لو طلق كانت له ولو وطئت بشبهة استحق المهر وكون جلدة البكارة جزءا من المبيع مع كونها مستحقة الإزالة للزوج لا يفيد ; لأنه مأذون فيها شرعا ، فلو لم تكن للنقص لما منع ذلك من الرد ، وقد تعلق [ ص: 432 ] المخالفون في ذلك بأمرين : ( أحدهما ) أن الصحابة رضي الله عنهم في هذه المسألة على قولين : ( أحدهما ) أنه لا يرد ، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

                                      ( والثاني ) يردها ويرد معها المهر . وهو قول عمر رضي الله عنه فالقول بأنه يردها ولا شيء معها إحداث قول ثالث وهو غير جائز ، وأورده ابن السمعاني والغزالي ومحمد بن يحيى عنهم فقالوا : إن عليا وابن عمر رضي الله عنهم قالوا : لا يردها . وعمر وزيد بن ثابت رضي الله عنهما قالا : يردها ويرد معها نصف عشر قيمتها ، وإيراده على الوجه الأول الأشهر ، وأقرب في النقل ، والجواب عنه من وجوه : ( أحدها ) ما أشار إليه الشافعي رضي الله عنه في اختلاف الحديث فإنه بحث مع من خالفه وحكى عنه أنه قال : روينا ذلك عن علي . قال الشافعي : قلت : أفتيت عن علي ؟ فقال بعض من حضره : لا . فروينا عن عمر يردها . وذكر عشرا أو نحو ذلك . قال الشافعي : قلت : أو ثبت عن عمر ؟ قال بعض من حضره : لا قلت : وكيف تحتج بما لا يثبت وأنت تخالف عمر لو كان قاله ؟ وهذا الكلام من الشافعي رضي الله عنه إشارة إلى أنه لم يثبت ذلك عن عمر ، ولا عن علي رضي الله عنهما . وقد وقفت على الأسانيد وورود ذلك عنهما فرأيتها ضعيفة . وأمثلها الرواية عن علي ، فإنه لا يردها ويرجع بقيمة العيب ، وهي منقطعة لأنها من رواية علي بن الحسين ولم يدرك جده ، ولولا ذلك لكانت صحيحة فإنها من رواية ابن أبي شيبة عن حفص بن عنان عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنهم . ولعل حفص بن عنان أو مسلمة ممن كان حاضرا مناظرة الشافعي ، فإنه كان قاضي الكوفة ، حنفيا جليلا ثقة ، ونقله البيهقي من طريق جماعة عن جعفر . ورويت متصلة بطريق ضعيفة ليست بمحفوظة . ونقل القاضي أبو الطيب أن الشافعي قال في اختلاف الأحاديث : لا يثبت عن أحد من الصحابة في ذلك شيء وإذا كان كذلك سقط التمسك الذي ذكروه ، والذي رأيته في اختلاف الحديث ما ذكرته ، ورأيت في اختلاف العراقيين قال : ولا يعلم ثبت عن عمر ولا عن علي ، ولا عن واحد [ ص: 433 ] منهما أنه قال خلاف هذا القول يعني قول الشافعي .

                                      وقال أبو المظفر بن السمعاني : قد جهدت غاية الجهد أن أجد ما قالوه في كتاب فلم أجده وإنما هي حكاية أخذها أهل العلم من التعاليق ، وسعى السواد على البياض ، ولم يرد عن واحد من الصحابة شيء سوى علي . ( الثاني ) أنه قد روي مثل مذهبنا عن زيد بن ثابت . ذكره أبو علي الطبري في مسائله الكثيرة فيما نقله أبو حامد عنه . قال القاضي أبو الطيب : وحكى لنا ذلك - يعني الرواية عن زيد أبو الحسن الماسرجسي ونقله المصنف في النكت . وإذا اختلفت الصحابة وجب الرجوع إلى القياس ، لكن أبا المظفر بن السمعاني قال : إن هذا النقل عن زيد ليس بصحيح . ( الثالث ) أنه قول صحابيين لم يعلم انتشاره ، والقياس بخلافه فيقدم عليه . ( الرابع ) أن مذهبنا موافق لعمر ، فإنه أثبت الرد فوافقناه في أصل الرد . والاختلاف بعد ذلك في أنه يرد معها شيئا أو لا ، اختلاف في كيفية الرد . ( الخامس ) أن إحداث القول الثالث فيه خلاف وتفصيل مذكور في أصول الفقه ، ونحن هنا وافقنا بعضهم في جواز الرد وبعضهم في إسقاط المهر ، فلم يكن ذلك خرقا للإجماع . ( الأمر الثاني ) مما تعلقوا به القياس على وطء البكر ; لأن كلا مما يقرر المسمى في النكاح ، وعلى ما إذا زنت ، وبأنه ينالها في ذلك ابتذال وينقصها ، فإنه قد يكون المشتري أبا البائع أو ابنه فيحرم فتحرم عليه ، فمنع الرد كسائر العيوب . وتعلقوا أيضا بأن الوطء جناية ; لأنه لا يخلو عن عقر أو عقوبة في الغالب ، ولا يباح بالإباحة فأشبه القطع .

                                      والرد رفع للعقد من أصله ، فلو ردها كان الوطء حاصلا في ملك البائع ، وهذا لا يجوز ; لأن الوطء في ملك الغير لا يخلو عن المهر ، ولا يجوز أن يوجب المهر ولا أن يردها بغير مهر . فبطل الرد . [ ص: 434 ] وربما قالوا في هذا : إنه إذا كان واقعا في ملك الغير كان عيبا فيمنع الفسخ فلو نفذ الفسخ لما بعد . ونقلوا عن محمد بن الحسن أن الوطء لا يخلو عن عقر أو عقوبة إلا إذا كان في الملك ، وقد انتفيا عن المشتري بالإجماع . فلو فسخ يبقى الملك من أصله ، فلذلك وجب إسقاط الملك . وقوله : إنه انتفيا عن المشتري بالإجماع ينبغي أن يؤول : فإنه قد تقدم عن ابن أبي ليلى وغيره إيجاب المهر ، وبأن منافع البضع في حكم الأجزاء ، والمشتري أتلفها ، فصار كما لو تلف الولد والزوائد ، ويعود البحث في مسألة الزوائد . وإنما استدلوا به على أن الوطء تنقيص للملك وصرف مهر الجارية الموطوءة بالشبهة إلى سيدها ، فلو كان المهر لصيانة البضع فقط لوجب لله كالكفارة ، فلما صرف إلى السيد دل على أن منافع البضع كالأجزاء وإن لم تنقص القيمة كيد الذكر والأنثيين ، يصرف للسيد وإن لم تنقص المالية بمنفعة البضع ، الحكم في حكم الأجزاء وفوات الأجزاء يمنع الرد ، ومما يدل على أنها في حكم الأجزاء أن الكافر لا يملكه على المسلمة ، ويمنع من الرد في خيار الشرط بخلاف المنافع ، وذلك أن منافع البضع في الشرع محترمة مشرفة ; لأنها سبب النسل في العالم ، فلشرفها وحرمتها التحقت بالأجزاء شرعا .

                                      ( والجواب ) أن وطء البكر والزنا منقصان للقيمة ، بل زوال البكارة وحدها بغير وطء منقص ، والابتذال إن سلمه كالاستخدام ، وكون المشتري أبا البائع أو ابنه لا يعتبر في معيوب شخص من الأشخاص ، بل المعتبر ما ينقص قيمة الشيء ولا يؤثر إلا ما له أثر في المالية . وقولهم : إنه جناية ممنوع ; لأن الجناية تنقص القيمة . وهذا بخلافه . ولو كان جناية لمنع من الأجنبي إذا وطئ مكرهة ومن الزوج . وقولهم : لا يباح بالإباحة . ينتقض بما دون الوطء . هكذا نقض بعض الأصحاب عليهم ونقل بعضهم أن ما دون الوطء من الاستمتاعات مانع الرد أيضا ، فعلى هذا لا يتوجه النقض وعن قولهم : لا يخلو عن مال أو عقوبة أن الجناية قد تخلو من المال ، والعقوبة [ ص: 435 ] إذا قال الرجل : اقطع يدي فقطعها . وعن قولهم : الرد فسخ للعقد من أصله تقدم ثم أثر ذلك إنما يظهر ذلك في الأعيان أما المنافع البعضية فلا . ثم لو كان ذلك صحيحا لما جاز الرد إذا رضي البائع ، وهو جائز وإيجاب المهر في البضع عن المنفعة ، والسيد يستحقها ، فلا ضرورة إلى تقديرها جزءا ، وتقدير المهر بعيد ، مما يدل على أنه ليس بجزء أنه لا يجبر به في المرابحة ، ولا يسقط به قبل القبض من الثمن شيء ، ولا يضمنه الغاصب عندهم ، وإنما لم يملكه الكافر على المسلمة ; لأن فيه إدخال ذل على الإسلام ، والوطء في خيار الشرط فيه وجهان ، فإن سلمه فلأنه مع العلم بالخيار يتضمن الرضا ، فههنا وطئ قبل العلم بالخيار ، واعتذر أبو زيد عن الوطء قبل القبض بأنه وقع في حكم ملك البائع ; لأنه تصرف ولا ينتقل التصرف إلا بالقبض فبقي على ملك البائع ، فلم يجز أن يجعل جناية . وهذا ضعيف ، فهذا ما تيسر ذكره . وحرف المسألة أن أبا حنيفة لاحظ غرض البائع وما يحصل له من النفرة والتغير والأنفة ، والشافعي لاحظ الأمر العام وأن عادة التجار إذا علموا أن الجارية ثيب لا يبالون بقلة الوطئات وكثرتها ، ولا ينقص من قيمتها شيئا ، فإن فرض وطء ينقص القيمة ، فليس فرض المسألة ، والله أعلم .

                                      واعلم أن أصحابنا اختلفوا في أن الرد رفع للعقد من أصله أو من حينه ، وقد اتفقوا هنا على جواز الرد ، وعلى أنه لا يجب المهر إلا ما سنحكيه من مقتضى كلام القاضي حسين وهذا الاتفاق يدل على أن أثر ذلك عند من قال به إنما هو في الأعيان ، أما المنافع فلا ، وهو يقوي ما تقدم من البحث فيه ، وإلا فلو أثبتنا عدم الملك كان ينبغي وجوب المهر ، وقد حكى القاضي حسين فيما إذا وطئ المشتري الجارية المبيعة الثيب قبل القبض ، ثم ماتت ، أنه هل يغرم المشتري للبائع المهر ؟ على وجهين ( إن قلنا ) ينفسخ من الأصل غرم وإلا فلا ، وقياس ذلك أن يأتي في الرد بالعيب ، ولم أرهم ذكروه ، وبتقرير ثبوته [ ص: 436 ] فهو مختص بما قبل القبض لضعفه ملك المشتري ، وبقاء علقة ملك البائع ، فلا يلزم من ذلك طرده بعد القبض على الطريقة الضعيفة الطاردة للقولين فيما بعد القبض ، وفيه نظر ، هذا ما يتعلق ممن يقول بمنع الرد . وأما المذاهب النافية فمذهب ابن شبرمة أقربها لأنه يقول بردها مع مهر المثل بالغا ما بلغ ، وهو يتخرج على ما تقدم من ارتفاع العقد من أصله تخريجا ظاهرا وجوابه ما تقدم . وأما من قال : يردها ويرد شيئا يتقدر معها فتحكمات لا دليل عليها . وأما من قال بامتناع ردها ولا يرجع بشيء فبعيد . فإن العيب القديم يجب الرجوع بأرشه إذا امتنع الرد . اللهم إلا أن يطرد الجزء مذهبه ويمنع من أخذ الأرش ، والله أعلم .

                                      ( فرع ) هذا كله في وطء المشتري ، فلو وطئها البائع أو الأجنبي بعد القبض بشبهة فهو كوطء المشتري لا يمنع الرد ، وإن كانت مختارة فهو زنا وهو عيب حادث يمنع الرد ، وإن كان قبل القبض ، فإن كانت زانية فعيب يوجب الرد ، وإن كانت شبهة أو مكرهة فليس بعيب ويجب المهر على الأجنبي للمشتري ، وأما البائع ففي وجوب المهر عليه وجهان ، بناء على جناية البائع على المبيع قبل القبض ( إن قلنا ) كآفة سماوية لم يجب وإلا وجب ، وهما كالوجهين في الانتفاع بالمبيع قبل القبض ، فإن ماتت بعد وطء البائع قبل القبض وقلنا العقد يرتفع من أصله لم يغرم المهر ( وإن قلنا ) من حينه فوجهان بناء على القولين في جناية البائع ، قال ذلك القاضي حسين ، وإن ماتت بعد وطء الأجنبي قبل القبض ( فإن قلنا ) ينفسخ العقد من أصله فالمهر للبائع ( وإن قلنا ) من حينه فللمشتري ، قاله القاضي حسين . وفي وجوب الحد على البائع إذا وطئها جاهلا بالتحريم وجهان في التتمة ، هذا في الثيب أما في البكر ففيها زيادة أحكام ستأتي إن شاء الله تعالى .

                                      ( فرع ) ما ذكرناه من أن الوطء إذا كان على وجه الزنا عيب يمنع الرد . استثنى القاضي حسين منه ما إذا لم تنقص قيمتها بالزنا ، بأن كانت معروفة بالزنا واشتراها على ذلك ، فإنه لا يمنع به الرد ، [ ص: 437 ] ذكرت ذلك في جوابه عن اعتراض الحنفية . وكذلك ذكره صاحب التتمة وطرده في الإباحة والسرقة إذا حدثت ولم تنقص القيمة . قال : لأنها عيب من طريق الحكم ، يعني بخلاف البرص ونحوه إذا زاد ، فإنه عيب من حيث المشاهدة .




                                      الخدمات العلمية