الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      كتاب الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة والهاء فيها للنقل من المصدر إلى الاسم كالحفيرة ونحوها والغرض التوقيت ومنه فمن فرض فيهن الحج والجزء من الشيء كالتفريض ومن القوس موضع الوتر وما أوجبه الله كالمفروض والقراءة والسنة يقال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أي : سن ونوع من التمر والجند يفترضون والترس وعود من أعواد البيت والعطية الموسومة وما فرضته على نفسك فوهبته ومن الزند حيث يقدح منه أو الجزء الذي فيه و { سورة أنزلناها وفرضناها } جعلنا فيها فرائض الأحكام وبالتشديد أي جعلنا فيها فريضة بعد فريضة أو فصلناها وبيناها قاله في القاموس .

                                                                                                                      ( وهي ) شرعا العلم بقسمة المواريث جمع ميراث وهو الحق المخلف عن الميت وأصله موارث [ ص: 403 ] قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها يقال له أيضا التراث وأصل التاء فيه واو والإرث لغة البقاء وانتقال الشيء من قوم إلى قوم آخرين ويطلق بمعنى الميراث ويسمى القائم بهذا العلم فارضا وفريضا وفرضيا بفتح الراء وسكونها وفراضا وفرائضيا .

                                                                                                                      ( وموضوعه التركات ) لأنها التي يبحث فيها عن عوارضها ( لا العدد ) فإنه موضوع علم الحساب ( والفريضة نصيب مقدر شرعا لمستحقه ) وقد رويت أحاديث تدل على فضل هذا العلم والحث على تعلمه وتعليمه فمنها قوله عليه الصلاة والسلام { العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة } رواه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو بن العاص وقوله صلى الله عليه وسلم { تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما } رواه أحمد والترمذي والحاكم ولفظه له عن ابن مسعود وعن عمر { تعلموا الفرائض فإنها من دينكم } .

                                                                                                                      وعنه أيضا { تعلموا الفرائض واللحن والسنة كما تعلمون القرآن } وعن أبي هريرة مرفوعا { تعلموا الفرائض وعلموها فإنها نصف العلم وهو ينسى وهو أول علم ينزع من أمتي } رواه ابن ماجه والدارقطني من رواية حفص بن عمر وقد ضعفه جماعة واختلف في معناه فقال أهل السلامة لا نتكلم فيه بل يجب علينا اتباعه وقال قوم : هي نصف العلم باعتبار الحال فإن للناس حالتين حياة ووفاة فالفرائض تتعلق بالثاني وباقي العلوم بالأول وقيل باعتبار الثواب لأن له بتعليم مسألة واحدة من الفرائض مائة حسنة وبغيرها من العلوم عشر حسنات قيل وأحسن الأقوال أن يقال :

                                                                                                                      أسباب الملك نوعان اختياري وهو ما يملك رده كالشراء والهبة ونحوها وقهري وهو ما لا يملك رده وهو الإرث وحكي أن الوليد بن مسلم رأى في منامه أنه دخل بستانا فأكل من ثمره إلا العنب الأبيض فقصه على شيخه الأوزاعي فقال تصيب من العلوم كلها إلا الفرائض فإنها جوهر العلم كما أن العنب الأبيض جوهر العنب والأصل فيها الكتاب والسنة وستقف على ذلك مفصلا .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية