الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فائدة ) قال الزركشي من الشافعية في إعلام الساجد في الباب الأول : مذهب أحمد أنه لا يكره المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام وأن الصلاة لا يقطعها بمكة شيء ، ولو كان المار امرأة بخلاف غيرها ، حكاه القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية ونقل ذلك عن مالك وعبد الرزاق انتهى وما ذكره عن مالك فإن عنى به كون الصلاة لا يقطعها شيء فهو مذهبه لكنه ليس خاصا بالمسجد الحرام بل في سائر الأماكن ، وإن عنى به جواز المرور فينظر في ذلك كلام ابن رشد في آخر رسم المحرم يتخذ الخرقة لفرجه من سماع ابن القاسم من كتاب الحج الأول ونصه وسئل مالك عن مكة والمرور بها بين يدي المصلي في المسجد أترى أن يمنع منها بمثل ما يمنع من غيرها ؟ قال : نعم إني لأرى ذلك إذا كان يصلي إلى عمود أو سترة ولا أدرى ما الطواف كأنه يخففه إن صلى إلى الطائفين . قال محمد بن رشد في قوله : إذا كان يصلي إلى عمود أو سترة دليل على أنه إذا صلى في المسجد الحرام إلى غير سترة فالمرور بين يديه جائز وليس عليه أن يدرأ من يمر بين يديه بخلاف المصلي في غير المسجد الحرام إلى غير سترة والإثم عليه في ذلك دون المارين بخلاف صلاته إلى الطائفين والفرق بين الطائفين وغيرهم من المارين بين يديه في إجازة الصلاة إليهم أن الطائفين مصلون ; لأن الطواف بالبيت صلاة وإن جاز فيه الكلام ألا ترى أنه لا يكون إلا على طهارة والصلاة في المسجد الحرام إلى سترة فلا يجوز لأحد أن يمر بينه وبينها من غير الطائفين وأن من مر كان له أن يدرأه عن ذلك

                                                                                                                            وأما الطائف فلا ينبغي أن يمر بينه وبين سترته إلا أن لا يجد بدا من ذلك من زحام فليمر ولا يدرؤه المصلي عن المرور ، ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه يجوز أن يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة وإن مر الناس بين يديه في الطواف وغيره ولا إثم في ذلك عليه ولا عليهم وأن مكة مخصوصة بجواز المرور فيها بين يدي المصلي بدليل ما روي عن المطلب بن أبي وداعة أنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مما يلي باب بني سهم والناس يمرون بين يديه ليس بينه وبين القبلة شيء وقال بعض الرواة : ليس بينه وبين الطواف سترة . قال فمن طريق المعنى أن الذي يصلي محاذيا إلى الكعبة يستقبل في صلاته وجوه بعض المصلين إليها لا يجوز ذلك في غيرها فإذا جاز له أن يستقبل وجوههم جاز له أن يمروا بين [ ص: 536 ] يديه ; لأنه لا يستقبل بذلك إلا خدودهم فهو أخف ، والله أعلم وبه التوفيق ، انتهى كلام ابن رشد .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية