الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            [ ص: 214 ] باب ما لا زكاة فيه من الثمار

                                                                                            قال مالك إن الرجل إذا كان له ما يجد منه أربعة أوسق من التمر وما يقطف منه أربعة أوسق من الزبيب وما يحصد منه أربعة أوسق من الحنطة وما يحصد منه أربعة أوسق من القطنية إنه لا يجمع عليه بعض ذلك إلى بعض وإنه ليس عليه في شيء من ذلك زكاة حتى يكون في الصنف الواحد من التمر أو في الزبيب أو في الحنطة أو في القطنية ما يبلغ الصنف الواحد منه خمسة أوسق بصاع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وإن كان في الصنف الواحد من تلك الأصناف ما يبلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة فإن لم يبلغ خمسة أوسق فلا زكاة فيه وتفسير ذلك أن يجذ الرجل من التمر خمسة أوسق وإن اختلفت أسماؤه وألوانه فإنه يجمع بعضه إلى بعض ثم يؤخذ من ذلك الزكاة فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه وكذلك الحنطة كلها السمراء والبيضاء والشعير والسلت كل ذلك صنف واحد فإذا حصد الرجل من ذلك كله خمسة أوسق جمع عليه بعض ذلك إلى بعض ووجبت فيه الزكاة فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه وكذلك الزبيب كله أسوده وأحمره فإذا قطف الرجل منه خمسة أوسق وجبت فيه الزكاة فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه وكذلك القطنية هي صنف واحد مثل الحنطة والتمر والزبيب وإن اختلفت أسماؤها وألوانها والقطنية الحمص والعدس واللوبيا والجلبان وكل ما ثبت معرفته عند الناس أنه قطنية فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول صاع النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان من أصناف القطنية كلها ليس من صنف واحد من القطنية فإنه يجمع ذلك بعضه إلى بعض وعليه فيه الزكاة قال مالك وقد فرق عمر بن الخطاب بين القطنية والحنطة فيما أخذ من [ ص: 215 ] النبط ورأى أن القطنية كلها صنف واحد فأخذ منها العشر وأخذ من الحنطة والزبيب نصف العشر قال مالك فإن قال قائل كيف يجمع القطنية بعضها إلى بعض في الزكاة حتى تكون صدقتها واحدة والرجل يأخذ منها اثنين بواحد يدا بيد ولا يؤخذ من الحنطة اثنان بواحد يدا بيد قيل له فإن الذهب والورق يجمعان في الصدقة وقد يؤخذ بالدينار أضعافه في العدد من الورق يدا بيد قال مالك في النخيل يكون بين الرجلين فيجذان منها ثمانية أوسق من التمر إنه لا صدقة عليهما فيها وإنه إن كان لأحدهما منها ما يجذ منه خمسة أوسق وللآخر ما يجذ أربعة أوسق أو أقل من ذلك في أرض واحدة كانت الصدقة على صاحب الخمسة الأوسق وليس على الذي جذ أربعة أوسق أو أقل منها صدقة وكذلك العمل في الشركاء كلهم في كل زرع من الحبوب كلها يحصد أو النخل يجد أو الكرم يقطف فإنه إذا كان كل رجل منهم يجد من التمر أو يقطف من الزبيب خمسة أوسق أو يحصد من الحنطة خمسة أوسق فعليه فيه الزكاة ومن كان حقه أقل من خمسة أوسق فلا صدقة عليه وإنما تجب الصدقة على من بلغ جداده أو قطافه أو حصاده خمسة أوسق قال مالك السنة عندنا أن كل ما أخرجت زكاته من هذه الأصناف كلها الحنطة والتمر والزبيب والحبوب كلها ثم أمسكه صاحبه بعد أن أدى صدقته سنين ثم باعه أنه ليس عليه في ثمنه زكاة حتى يحول على ثمنه الحول من يوم باعه إذا كان أصل تلك الأصناف من فائدة أو غيرها وأنه لم يكن للتجارة وإنما ذلك بمنزلة الطعام والحبوب والعروض يفيدها الرجل ثم يمسكها سنين ثم يبيعها بذهب أو ورق فلا يكون عليه في ثمنها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم باعها فإن كان أصل تلك العروض للتجارة فعلى صاحبها فيها الزكاة حين يبيعها إذا كان قد حبسها سنة من يوم زكى المال الذي ابتاعها به

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية