الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن مسح الرأس مرة 34 حدثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ قالت مسح رأسه ومسح ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة قال وفي الباب عن علي وجد طلحة بن مصرف بن عمرو قال أبو عيسى وحديث الربيع حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح برأسه مرة والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول جعفر بن محمد وسفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق رأوا مسح الرأس مرة واحدة حدثنا محمد بن منصور المكي قال سمعت سفيان بن عيينة يقول سألت جعفر بن محمد عن مسح الرأس أيجزئ مرة فقال إي والله

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( نا بكر بن مضر ) ابن محمد بن حكيم مولى شرحبيل بن حسنة ، وثقه أحمد وابن معين ( عن ابن عجلان ) هو محمد بن عجلان المدني صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة كذا في التقريب .

                                                                                                          قوله : ( ومسح ما أقبل منه وما أدبر ) هذا عطف تفسيري لقوله ومسح رأسه أي مسح ما أقبل من الرأس ومسح ما أدبر من الرأس أي مسح من مقدم الرأس إلى منتهاه ثم رد يديه من مؤخر الرأس إلى مقدمه ( وصدغيه وأذنيه ) معطوفان على ما أقبل والصدغ بضم الصاد المهملة وسكون الدال الموضع الذي بين العين والأذن والشعر المتدلي على ذلك الموضع ( مرة واحدة ) متعلق بمسح فيكون قيدا في الإقبال والإدبار وما بعده فباعتبار الإقبال يكون مرة وباعتبار الإدبار مرة أخرى ، وهو مسح واحد وبه يجمع بينه وبين ما سبق من حديثها أنه مسح برأسه مرتين . والحديث يدل على مشروعية مسح الصدغ والأذن وأن مسحهما مع الرأس وأنه مرة واحدة .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن علي وجد طلحة بن مصرف ) أما حديث علي فأخرجه الترمذي وابن ماجه ، وأما حديث جد طلحة بن مصرف ، فأخرجه أحمد عن ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه حتى بلغ القذال وما يليه من مقدم العنق ، وفيه ليث بن أبي مسلم وهو ضعيف ، وأخرجه أبو داود وذكر له علة أخرى عن أحمد بن حنبل ، قال : كان ابن عيينة ينكره ويقول : أيش هذا طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده .

                                                                                                          قوله ( حديث الربيع [ ص: 114 ] حديث حسن صحيح ) قال الشوكاني : وفي تصحيحه نظر ، فإنه رواه من طريق ابن عقيل . انتهى . قلت تقدم الكلام في ابن عقيل في باب مفتاح الصلاة الطهور فتذكر .

                                                                                                          قوله : ( وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح برأسه مرة ) فروى الطبراني في الأوسط من حديث أنس بلفظ : ومسح برأسه مرة ، قال الحافظ : وإسناده صالح . ورواه علي بن السكن من حديث رزيق بن حكيم عن رجل من الأنصار مثله ، وفي الباب أحاديث كثيرة مذكورة في التلخيص والنيل ونصب الراية والدراية .

                                                                                                          قوله : ( والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم وبه يقول جعفر بن محمد وسفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وإسحاق رأوا مسح الرأس مرة واحدة ) قال في شرح السنة : اختلفوا في تكرار المسح هل هو سنة أم لا فالأكثر على أنه يمسح مرة واحدة ومنهم الأئمة الثلاثة ، والمشهور من مذهب الشافعي أن المسح بثلاثة أصابع بثلاثة مياه جديدة ، كذا في المرقاة ، وقال في النيل : قد اختلف في ذلك فذهب عطاء وأكثر العترة والشافعي إلى أنه يستحب تثليث مسحه كسائر الأعضاء . انتهى . فعلم أن للشافعي في مسح الرأس قولين . التوحيد والتثليث . ذكر الأول الترمذي والثاني صاحب شرح السنة ، واستدل من قال بالمسح مرة واحدة بأحاديث الباب وبما في الصحيحين من حديث عثمان وعبد الله بن زيد من إطلاق مسح الرأس مع ذكر تثليث غيره من الأعضاء وهو القول الراجح المعول عليه ، واستدل من قال بتثليث المسح بأحاديث لا يخلو واحد منها من كلام ، قال القاضي الشوكاني في النيل : والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ إلى درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها لما فيها من الزيادة ، فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهما هو المتعين لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات بالمرة الواحدة ، وحديث : من زاد على هذا فقد أساء وظلم ، الذي صححه ابن خزيمة وغيره قاض بالمنع من الزيادة على الوضوء الذي قال بعده النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة ، كيف وقد ورد في رواية سعيد بن منصور في هذا الحديث التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة ثم قال من زاد ، قال الحافظ في الفتح : ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح [ ص: 115 ] إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا محمد بن منصور ) ابن داود الطوسي أبو جعفر العابد نزيل بغداد ، ثقة من صغار العاشرة ( سألت جعفر بن محمد ) ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالصادق ثقة ، صدوق فقيه إمام مات سنة 148 ثمان وأربعين ومائة ، عن ثمان وستين سنة ( فقال إي والله ) بكسر الهمزة حرف إيجاب .




                                                                                                          الخدمات العلمية