الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 29 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                      ذكر نسب سيد البشر

                                                                                      محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو القاسم سيد المرسلين ، وخاتم النبيين .

                                                                                      هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسمه عمرو ، بن عبد مناف واسمه المغيرة ، بن قصي واسمه زيد ، بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، واسمه عامر ، بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وعدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليهما وعلى نبينا وسلم- بإجماع الناس .

                                                                                      لكن اختلفوا فيما بين عدنان وبين إسماعيل من الآباء ، فقيل : بينهما تسعة آباء ، وقيل : سبعة ، وقيل مثل ذلك عن جماعة . لكن اختلفوا في أسماء بعض الآباء ، وقيل : بينهما خمسة عشر أبا ، وقيل : بينهما أربعون أبا وهو بعيد ، وقد ورد عن طائفة من العرب ذلك .

                                                                                      وأما عروة بن الزبير ، فقال : ما وجدنا من يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان إلا تخرصا .

                                                                                      وعن ابن عباس قال : بين معد بن عدنان وبين إسماعيل ثلاثون أبا ، قاله هشام ابن الكلبي النسابة ، عن أبيه ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، ولكن هشام وأبوه متروكان .

                                                                                      [ ص: 30 ] وجاء بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهى إلى عدنان أمسك ويقول : " كذب النسابون قال الله تعالى : ( وقرونا بين ذلك كثيرا ( 38 ) ) [ الفرقان ] .

                                                                                      وقال أبو الأسود يتيم عروة : سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، وكان من أعلم قريش بأنسابها وأشعارها يقول : ما وجدنا أحدا يعلم ما وراء معد بن عدنان في شعر شاعر ولا علم عالم .

                                                                                      قال هشام ابن الكلبي : سمعت من يقول : إن معدا كان على عهد عيسى ابن مريم عليه السلام .

                                                                                      وقال أبو عمر بن عبد البر : كان قوم من السلف منهم عبد الله بن مسعود ، ومحمد بن كعب القرظي ، وعمرو بن ميمون الأودي إذا تلوا : ( والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله ( 9 ) ) [ إبراهيم ] قالوا : كذب النسابون . قال أبو عمر : ومعنى هذا عندنا على غير ما ذهبوا إليه ، وإنما المعنى فيها والله أعلم : تكذيب من ادعى إحصاء بني آدم . وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها ، واختلفوا في بعض فروع ذلك .

                                                                                      والذي عليه أئمة هذا الشأن أنه : عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل ابن آزر ، واسمه تارح بن ناحور بن ساروح بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام ابن لامك بن متوشلخ بن خنوخ ، وهو إدريس عليه السلام ، بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم أبي البشر عليه السلام . قال : وهذا الذي اعتمده محمد بن إسحاق في السيرة ، وقد اختلف أصحاب ابن إسحاق عليه في بعض الأسماء .

                                                                                      [ ص: 31 ] قال ابن سعد : الأمر عندنا الإمساك عما وراء عدنان إلى إسماعيل .

                                                                                      وروى سلمة الأبرش ، عن ابن إسحاق هذا النسب إلى يشجب سواء ، ثم خالفه فقال : يشجب بن يانش بن ساروغ بن كعب بن العوام بن قيذار بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم السلام .

                                                                                      وقال ابن إسحاق : يذكرون أن عمر إسماعيل مائة وثلاثون سنة ، وأنه دفن في الحجر مع أمه هاجر .

                                                                                      وقال عبد الملك بن هشام : حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي ، عن شيبان بن زهير ، عن قتادة ، قال : إبراهيم خليل الله هو ابن تارح بن ناحور بن أشرع بن أرغو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن هنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قاين بن أنوش بن شيث بن آدم .

                                                                                      وروى عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، أنه وجد نسب إبراهيم عليه السلام في التوراة : إبراهيم بن تارح بن ناحور بن شروغ بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متشالخ بن خنوخ ، وهو إدريس ، بن يارد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم .

                                                                                      وقال ابن سعد : حدثنا هشام ابن الكلبي ، قال : علمني أبي وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم : محمد ، الطيب المبارك ولد عبد الله بن عبد المطلب ، واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن [ ص: 32 ] مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .

                                                                                      قال أبي : وبين معد وإسماعيل نيف وثلاثون أبا ، وكان لا يسميهم ولا ينفذهم .

                                                                                      قلت : وسائر هذه الأسماء أعجمية ، وبعضها لا يمكن ضبطه بالخط إلا تقريبا .

                                                                                      وقد قيل في قوله تعالى : ( وفصيلته التي تؤويه ( 13 ) ) [ المعارج ] : فصيلة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب أعمامه وبنو أعمامه ، وأما فخذه فبنو هاشم . قال : وبنو عبد مناف بطنه ، وقريش عمارته ، وبنو كنانة قبيلته ، ومضر شعبه .

                                                                                      قال الأوزاعي : حدثني شداد أبو عمار ، قال : حدثني واثلة بن الأسقع ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى هاشما من قريش ، واصطفاني من بني هاشم " . رواه مسلم .

                                                                                      وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، فهي أقرب نسبا إلى كلاب من زوجها عبد الله برجل .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية