الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في ابتداء القبلة

                                                                                                          340 حدثنا هناد حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحق عن البراء بن عازب قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صلى نحو بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام فوجه نحو الكعبة وكان يحب ذلك فصلى رجل معه العصر ثم مر على قوم من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه إلى الكعبة قال فانحرفوا وهم ركوع قال وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وعمارة بن أوس وعمرو بن عوف المزني وأنس قال أبو عيسى وحديث البراء حديث حسن صحيح وقد رواه سفيان الثوري عن أبي إسحق حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال كانوا ركوعا في صلاة الصبح قال أبو عيسى وحديث ابن عمر حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في ابتداء القبلة )

                                                                                                          قوله : ( يحب أن يوجه ) بضم أوله وفتح الجيم مبنيا للمفعول أي يحب أن يؤمر بالتوجه إلى الكعبة لأنها قبلة إبراهيم .

                                                                                                          قوله : قد نرى تقلب وجهك في السماء أي تردد وجهك في جهة السماء متطلعا للوحي .

                                                                                                          قوله : ( فصلى رجل معه العصر ) هو عباد بن بشر وقيل عباد بن نهيك .

                                                                                                          قوله : ( وهم ركوع ) جمع راكع ( في صلاة العصر نحو بيت المقدس ) وفي رواية البخاري في صلاة العصر يصلون نحو بيت المقدس ، قال الحافظ في الفتح : وقع في تفسير ابن أبي حاتم من طريق تويلة بنت أسلم صليت الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة فاستقبلنا مسجد إيلياء فصلينا سجدتين أي ركعتين ، ثم جاءنا من يخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استقبل البيت الحرام ( فقال ) أي الرجل ( هو يشهد ) يعني بذلك نفسه وهو على سبيل التجريد ، وفي رواية البخاري أشهد بالله ( فانحرفوا وهم ركوع ) بأن تحول الإمام من مقدم المسجد إلى مؤخره ، ثم تحولت الرجال حتى صاروا خلفه وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال ، وقد وقع بيان كيفية الانحراف والتحول في خبر تويلة ، قالت : فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء ، قال الحافظ : وتصويره أن الإمام تحول [ ص: 265 ] من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد ؛ لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس وهو لو دار في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف ولما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه ، وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال ، وهذا يستدعي عملا كثيرا في الصلاة ، فيحتمل أن ذلك وقع قبل تحريمالعمل الكثير ، كما كان قبل تحريم الكلام ، ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة ، أو وقعت الخطوات غير متوالية عند التحول بل مفرقة ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وعمارة بن أوس وعمرو بن عوف المزني وأنس )

                                                                                                          أما حديث ابن عمر فأخرجه الشيخان ، وأما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري وأحمد ، وأما حديث عمارة بن أوس فأخرجه ابن أبي شيبة ، وأما حديث عمرو بن عوف المزني وأنس فأخرجه ابن أبي شيبة .

                                                                                                          قوله : ( حديث البراء حديث حسن صحيح ) أخرجه الجماعة إلا أبا داود .

                                                                                                          قوله : ( عن ابن عمر قال كانوا ركوعا في صلاة الصبح ) أخرج الشيخان عن ابن عمر ، قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت ، فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة . قال القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة : وجه الجمع بين اختلاف الرواية في الصبح والعصر أن الأمر بلغ إلى قوم في العصر ، وبلغ إلى أهل قباء في الصبح ، انتهى . وقال الحافظ : هذا لا يخالف حديث البراء في الصحيحين أنهم كانوا في صلاة العصر لأن الخبر وصل وقت العصر إلى من هو داخل المدينة وهم بنو حارثة ، وذلك في حديث البراء ووصل الخبر وقت الصبح إلى من هو خارج المدينة وهم بنو عمرو بن عوف ، وذلك في حديث ابن عمر ، انتهى .

                                                                                                          [ ص: 266 ] قلت هاهنا اختلاف آخر وهو أنه وقع في رواية الترمذي فصلى رجل معه العصر ، وفي حديث عمارة بن أوس أن التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة إحدى صلاتي العشي ، وهكذا في حديث عمارة بن رويبة ، وحديث تويلة وفي حديث أبي سعيد بن المعلى أنها الظهر ، والجمع بين هذه الروايات أن من قال إحدى صلاتي العشي شك هل هي الظهر أو العصر : وليس من شك حجة على من جزم ، فنظرنا في من جزم فوجدنا بعضهم قال الظهر وبعضهم قال العصر ، ووجدنا رواية العصر أصح لثقة رجالها وإخراج البخاري لها في صحيحه . وأما حديث كونها الظهر ففي إسنادها مروان بن عثمان وهو مختلف فيه . وأما رواية أن أهل قباء كانوا في صلاة الصبح فيمكن أنه أبطأ الخبر عنهم إلى صلاة الصبح كذا في النيل .




                                                                                                          الخدمات العلمية