الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      باب بيع الأصول والثمار

                                      التالي السابق


                                      الأصول هاهنا المراد بها الأشجار ، وكل ما يثمر مرة بعد أخرى ، وأبعد من قال : إن اسم الأصل يشمل البناء والشجر ، وأبعد منه قول من قال : إن المراد به الأرض والشجر معا والثمار . والمقصود بهذا الباب أمران ( أحدهما ) بيان حكم الأصول إذا بيعت فيما يكون تابعا لها وفيما لا يكون وفي حكم ذلك ، فإن ذلك مما يطول النظر ، وقد بوب الشافعي رضي الله عنه على ذلك في الأم : باب ثمر الحائط يباع أصله ، فهذه الترجمة حلها المصنف بقوله : بيع الأصول . ( والثاني ) الكلام في الثمار إذا بيعت ، وما يختص بها من الشروط التي لا يشترط في المبيعات ، فإن شروط المبيع ( منها ) ما هو عام وهي الخمسة التي ذكرها المصنف في باب ما يجوز بيعه ( ومنها ) ما يختص بالربويات وأفرد له ( باب الربا ) وقدمه على هذا الباب لعمومه لإمكانه في كل وقت وشدة خطره لقيام الإجماع عليه ( ومنها ) ما يختص بالثمار ، فأفرده في هذا الباب .

                                      [ ص: 499 ] وبدت علة الشافعي بأنه الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار ، وجعله عقيب باب ثمر الحائط يباع أصله ، فجعله المصنف مع الأصول في باب واحد لتعلق كل منهما بالآخر ، وقدم الأصول على الثمار تأسيا بالشافعي ; ولأنها متقدمة طبعا وقد قيل : إن المقصود بالباب بيع الثمار لبيان شرطه ، فلعله قدم بيع الأصول في مختصر التفريع بعده بمقصود الباب وليس كذلك ، ولم يقع الكلام في بيع الأصول مختصرا بل طال أكثر من الكلام في بيع الثمار ، بل ذلك لما قدمته من تبويب الشافعي وهما مقصودان واستلزم الكلام في الأصول الكلام في الأرض ; لأن بيع الأصول قد يكون مستقلا وقد يكون تبعا للأرض ولهذا قال المصنف في التنبيه بعد أن قال : دخل البناء والغراس قال : فإن كان له حمل إلى آخره فنبه بذلك على أن تبعية الثمار للأصول لا يشترط فيها إفراد الأصول بالعقد ، بل يشمل صورة إفرادها وصورة ما إذا كانت تابعة للأرض فإنه جعل الكلام فيما إذا كانت تابعة فيدل على الصورة الأخرى بطريق أولى . واستطرد من ذلك في المهذب إلى ما يتبع لفظ الأرض أو نحوها من غير الثمار وإن لم يكن ذلك في ترجمة الشافعي التي هي مقتصرة على الثمار كالزروع والجواني والمعادن وغيرها ، وقد تعرض الشافعي في مسائل الباب إليها ، وقدم المصنف الكلام في بيع الأرض ; لأنه مستلزم لبيع الأصول المستلزم الثمار ، وهو في كلام الشافعي مذكور في أثناء الباب ، ولا يستنكر كون الداخل في عقد البيع يسمى مبيعا ، ; لأنه إنما انتقل بحكم البيع . والله أعلم .

                                      وقد رأيت الترجمة الأولى ، وهي أن بيع الأصول لغير المصنف وهو أبو بكر أحمد بن بشري المصري في كتابه المسمى بالمختصر المنبه من علم الشافعي .




                                      الخدمات العلمية