الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              181 - بكر بن عبد الله المزني

              قال الشيخ رحمه الله : ومنهم الناصح الزكي ، الواثق الغني ، بكر بن عبد الله المزني .

              حدثنا أبو بكر بن محمد بن حسين الآجري ، قال : ثنا جعفر بن محمد الفريابي ، قال : ثنا قتيبة بن سعيد ، قال : ثنا معاوية بن عبد الكريم - وكان من ثقيف ولقبه الضال - قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني ، يقول يوم الجمعة وأهل المسجد أحفل ما كانوا قط : لو قيل لي خذ بيد خير أهل المسجد لقلت : دلوني على أنصحهم لعامتهم ؛ فإذا قيل هذا أخذت بيده ، ولو قيل لي خذ بيد شرهم لقلت دلوني على أغشهم لعامتهم ؛ ولو أن مناديا ينادي من السماء أنه لا يدخل الجنة منكم إلا رجل واحد لكان ينبغي لكل إنسان أن يلتمس أن يكون ذلك الواحد ، ولو أن مناديا ينادي من السماء أنه لا يدخل النار منكم إلا رجل واحد لكان ينبغي لكل إنسان أن يفرق أن يكون هو ذلك الواحد . رواه معمر قريبا لكان .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، قال : ثنا بشر بن موسى ، قال : ثنا معاوية بن عمرو ، قال : ثنا أبو إسحاق الفراوي ، عن إسماعيل ، عن معمر ، عن أبي بكر المزني ، قال : لو انتهيت إلى المسجد يوم الجمعة وهو ملآن يغص بالرجال ، فقال لي قائل : أي هؤلاء شر ؟ لقلت لقائلي : أيهم أغش لجماعتهم ؟ فإذا قال : هذا ، قلت هو شرهم ، وما كنت لأشهد على خيرهم أنه مؤمن مستكمل الإيمان إذا لشهدت أنه من أهل الجنة ، وما كنت لأشهد على شرهم أنه منافق بريء من الإيمان إذا لشهدت أنه من أهل النار ؛ ولكني أخشى على محسنهم وأرجو لمسيئهم ، فما ظنكم بمسيئهم إذا خشيت على محسنهم ، وما ظنكم بمحسنهم إذا رجوت لمسيئهم .

              حدثنا أبو بكر بن مالك قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، [ ص: 225 ] قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، قال : ثنا حصين ، عن بكر بن عبد الله ، قال : قال بكر بن عبد الله : لا يكون الرجل تقيا حتى يكون بطيء الطمع بطيء الغضب .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، قال : ثنا عمر بن حفص السدوسي ، قال : ثنا عاصم بن علي ، قال : ثنا عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني ، أخبرتني أم عبد الله بنت بكر بن عبد الله قالت : كان أبوك قد جعل على نفسه ألا يسمع رجلين يتنازعان في القدر إلا قام فصلى ركعتين .

              حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني ، قال : ثنا عمر بن غيلان ، قال : ثنا داود بن عمرو ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، عن أسلم بن عبد الملك ، عن أبي حرة ، قال : دخلنا على أبي بكر بن عبد الله المزني نعوده في مرضه الذي مات فيه ، فرفع رأسه فقال : رحم الله عبدا رزقه الله قوة فأعمل نفسه في طاعة الله عز وجل ، أو قصر به ضعف لم يعملها في معاصي الله ، قال داود : قال لي رجل : تريد أسلم ؟ قلت : نعم ، فقمت إلى أسلم فسألته فحدثني عن أبي حرة .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني هارون بن عبد الله وعلي بن مسلم ، قالا : ثنا سيار ، قال : ثنا جعفر ، قال : ثنا كهمس قال : سمعت بكر بن عبد الله ، يقول : يكفيك من دنياك ما قنعت به ولو كفا من تمر وشربة من ماء وظل خباء ، وكلما يفتح عليك من الدنيا شيء ازدادت نفسك لها مقتا .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، قال : ثنا هاشم بن القاسم ، قال : ثنا المبارك بن فضالة ، قال : سمعت بكر بن عبد الله المزني يدعو بهذا الدعاء لا يدعه : اللهم افتح لنا من خزائن رحمتك رحمة لا تعذبنا بعدها أبدا في الدنيا والآخرة ، ومن فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا لا تفقرنا بعده إلى أحد سواك أبدا ، تزيدنا لك بهما شكرا وإليك فاقة وفقرا ، وبك عمن سواك غنى وتعففا .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، [ ص: 226 ] حدثني حسين بن محمد ، قال : ثنا سهل بن أسلم ، قال : كان بكر بن عبد الله إذا رأى شيخا ، قال : هذا خير مني عبد الله قبلي ، وإذا رأى شابا ، قال : هذا خير مني ارتكبت من الذنوب أكثر مما ارتكب ، وكان يقول : عليكم بأمر إن أصبتم أجرتم وإن أخطأتم لم تأثموا ، وإياكم وكل أمر إن أصبتم لم تؤجروا ، وإن أخطأتم أثمتم ، قيل : ما هو ؟ قال : سوء الظن بالناس فإنكم لو أصبتم لم تؤجروا وإن أخطأتم أثمتم .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، قال : ثنا إسحاق بن الفيض ، قال : ثنا تميم بن شريح ، عن كنانة ، عن سهل ، قال : قال بكر بن عبد الله المزني : إن عرض لك إبليس بأن لك فضلا على أحد من أهل الإسلام فانظر ، فإن كان أكبر منك فقل قد سبقني هذا بالإيمان والعمل الصالح فهو خير مني ، وإن كان أصغر منك فقل قد سبقت هذا بالمعاصي والذنوب واستوجبت العقوبة فهو خير مني ، فإنك لا ترى أحدا من أهل الإسلام إلا أكبر منك أو أصغر منك ، قال : وإن رأيت إخوانك المسلمين من يكرمونك ويعظمونك ويصلونك ، فقل أنت : هذا فضل أخذوا به ، وإن رأيت منهم جفاء وانقباضا فقل : هذا ذنب أحدثته .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا أحمد بن حكيم ، قال : ثنا أبو حاتم ، قال : ثنا محمد بن يحيى ، حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا فهد بن حيان ، قال : ثنا أبو سلمة الثقفي ، عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : تذلل المرء لإخوانه تعظيم له في أنفسهم .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني علي بن جعفر بن زياد الأحمر ، قال : ثنا زيد العكلي ، [ عن معاوية ] بن عبد الكريم ، عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : كان الرجل من بني إسرائيل إذا بلغ المبلغ فمشى في الناس تظله غمامة ، قال : فمر رجل قد أظلته غمامة على رجل فأعظمه ذلك لما رأى مما آتاه الله عز وجل ، قال : فاحتقره صاحب الغمامة - أو قال كلمة نحوها - قال : فأمرت أن تحول من رأسه إلى رأس الذي عظم أمر الله تعالى .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية