الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 542 ] 29- باب: ذكر ما ادعي عليه النسخ في سورة الأحزاب

ذكر الآية الأولى: قوله تعالى: ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم ، قال المفسرون: معناه: لا تجازهم عليه وتوكل على الله في كفاية شرهم ، قالوا: ونسخت بآية السيف .

ذكر الآية الثانية: قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن [ ص: 543 ] اختلف العلماء لمن هذه المتعة ، فقال الأكثرون: هي لمن لم يسم لها مهرا ، لقوله تعالى في البقرة: أو تفرضوا لهن فريضة وهل هي مستحبة أو واجبة للعلماء فيها قولان: أحدهما: أنها واجبة للمطلقة التي لم يسم لها مهرا إذا طلقها قبل الدخول ، وعلى هذا الآية محكمة ، وقال قوم المتعة واجبة لكل مطلقة بهذه الآية ، ثم نسخت بقوله: فنصف ما فرضتم .

" أخبرنا إسماعيل بن أحمد ، قال: أبنا عمر بن عبيد الله ، قال: أبنا ابن بشران ، قال: أبنا إسحاق بن أحمد ، قال: أبنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: أبنا أبي ، قال: أبنا محمد بن سواء ، [ ص: 544 ] قال: أبنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، وأبي العالية ، في هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن ، قالا: ليست بمنسوخة لها نصف الصداق ، ولها المتاع " قال أحمد : وأبنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، قال: " هي منسوخة ، نسختها الآية التي في البقرة: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ، فصار لها نصف الصداق ولا متاع لها قال سعيد : وكان قتادة يأخذ بهذا .

قال أحمد : وأبنا حسين ، عن شيبان ، عن قتادة " إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن الآية ، قال: قال سعيد بن المسيب : ثم نسخ هذا الحرف المتعة وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم .

[ ص: 545 ] ذكر الآية الثالثة: قوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد اختلف المفسرون فيها على قولين: أحدهما: أنها منسوخة بقوله: إنا أحللنا لك أزواجك وهذا مروي عن علي ، وابن عباس ، وعائشة ، وأم سلمة ، وعلي بن الحسين ، والضحاك .

" أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أبنا أحمد بن الحسين ، قال: أبنا البرمكي ، قال: أبنا محمد بن إسماعيل ، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود ، قال : [ ص: 546 ] أبنا عمران بن محمد الأنصاري ، قال: أبنا أبو عاصم ، قال: أبنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن عائشة ، قالت: " ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أحل له أن ينكح ما شاء " .

قال أبو سلمان الدمشقي : يعني نساء جميع القبائل من المهاجرات وغير المهاجرات .

والقول الثاني: أنها محكمة ، ثم فيها قولان: أحدهما: إن الله تعالى أثاب نساءه حين اخترنه بأن قصره عليهن فلم يحل له غيرهن ، ولم ينسخ هذا .

" أخبرنا المبارك بن علي ، قال: أبنا أحمد بن الحسين ، قال: أبنا البرمكي ، قال: أبنا محمد بن إسماعيل بن العباس ، قال: أبنا أبو بكر بن أبي داود ، قال: ذكر محمد بن مصفى ، أن يوسف بن السفر حدثهم ، عن الأوزاعي ، عن عثمان بن عطاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما " لا يحل لك النساء من بعد ، قال: حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه قال أبو بكر : وأبنا إسحاق بن إبراهيم ، قال: أبنا حجاج ، قال: أبنا حماد ، عن علي بن زيد ، عن الحسن " لا يحل لك النساء من بعد ، قال: [ ص: 547 ] قصره الله على نسائه التسع اللاتي مات عنهن " .

وهذا قول ابن سيرين ، وأبي أمامة بن سهل ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، والسدي .

والثاني: أن المراد بالنساء هاهنا ، الكافرات ولم يجز له أن يتزوج بكافرة قاله مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، وجابر بن زيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية