الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وطريق معرفة اللغة ) قسمان ، أحدهما : ( النقل ) فقط ( تواترا فيما لا يقبل تشكيكا ) كالسماء والأرض والجبال . ونحوها ولغات القرآن ( وآحادا في غيره ) أي غير ما لا يقبل تشكيكا . وهو أكثر اللغة . فيتمسك به في المسائل الظنية دون القطعية ( و ) القسم الثاني : ( المركب منه ) أي : من النقل ( ومن العقل ) وهو استنباط العقل من النقل . مثاله : كون الجمع المعرف بأل للعموم ، فإنه مستفاد من مقدمتين نقليتين حكم العقل بواسطتهما . إحداهما : أن يدخله الاستثناء .

والثانية : أن الاستثناء إخراج بعض ما تناوله اللفظ . فحكم العقل عند وجود هاتين المقدمتين بأنه للعموم ، ولا اعتبار بما يخالف ذلك ممن يقول : إذا كانت المقدمتان نقليتين كانت النتيجة أيضا نقلية . وإنما العقل تفطن لنتيجتها ; لأنا نقول : ليس هذا الدليل مركبا من نقليتين ، لعدم تكرر الحد الأوسط فيهما . وإنما هو مركب من مقدمة نقلية . وهي الاستثناء ، وهو إخراج بعض ما تناوله اللفظ ، ومقدمة عقلية لازمة لمقدمة أخرى نقلية . وهي أن كل ما دخله الاستثناء عام ; لأنه لو لم يكن عاما لم يدخل الاستثناء فيه ، ثم جعلت هذه القضية كبرى للمقدمة الأخرى النقلية فصار صورة الدليل هكذا : الجمع المحلى بأل يدخله الاستثناء ، وكل ما يدخله الاستثناء عام ينتج : أن المحلى [ ص: 92 ] بأل علم ( وزيد ) طريق ثالث لمعرفة اللغة ( و ) هو ( القرائن ) قال ابن جني في الخصائص : من قال : إن اللغة لا تعرف إلا نقلا . فقد أخطأ ، فإنها تعرف بالقرائن أيضا . فإن الرجل إذا سمع قول الشاعر :

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم طاروا إليه زرافات ووحدانا

علم أن " زرافات " بمعنى جماعات . انتهى . ( والأدلة النقلية قد تفيد اليقين ) فتفيد القطع بالمراد قال في شرح التحرير : وهذا الصحيح الذي عليه أئمة السلف وغيرهم . وقد حكى العلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال أحدها : أنها تفيده مطلقا .

والثاني : لا تفيده مطلقا قالوا : لتوقف اليقين على أمور لا طريق إلى القطع بها .

والثالث : أنها قد تفيد إذا انضم إليها تواتر أو غيره من القرائن الحالية ، ولا عبرة بالاحتمال . فإنه إذا لم ينشأ عن دليل لم يعتبر ، وإلا لم يوثق بمحسوس . قاله الشيخ تقي الدين ( و ) عند السلف ( لا يعارض القرآن غيره بحال ) . ( وحدث ما قيل أمور قطعية عقلية تخالف القرآن ) فائدة . قال ابن قاضي الجبل ، يقال : ما المعنى بالدليل اللفظي : هل هو الظواهر مع النصوص ، أو الظواهر بمفردها ؟ ويقال أيضا : الرسول صلى الله عليه وسلم بين مراده فيما جاء به ، ولنا ألفاظ نقطع بمدلولها بمفردها . وتارة بانضمام قرائن أو شهادة العادات ثم نمنع معارضة الدليل العقلي القطعي للدليل الشرعي .

وقولهم : الموقوف على المظنون مظنون باطل ، لأن الموقوف على المقدمات الظنية قد يكون قطعيا ، بل الموقوف على الشك قد يكون قطعيا ، فضلا عن الظن .

ويعرف بوجوه أحدها : الأحكام الشرعية قطعية . الثاني : أن الشك في الركعات يوجب الإتيان بركعة أخرى . فيقطع بالوجوب عند الشك ، وكذا لو شككنا في عين الحلال ، كاشتباه ميتة بمذكاة ، وأجنبية بأخته . الثالث : إقامة البينة عند الحاكم وانتفاء الريب يقطع بوجوب الحكم ، حتى لو جحد وجوبه كفر ففي هذه الصورة : القطع متوقف على غير قطعي .

التالي السابق


الخدمات العلمية