الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل

وبنى " إياك نعبد " على أربع قواعد : التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه ، من قول اللسان والقلب ، وعمل القلب والجوارح .

فالعبودية : اسم جامع لهذه المراتب الأربع ، فأصحاب " إياك نعبد " حقا هم أصحابها .

فقول القلب : هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه ، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله .

[ ص: 121 ] وقول اللسان : الإخبار عنه بذلك ، والدعوة إليه ، والذب عنه ، وتبيين بطلان البدع المخالفة له ، والقيام بذكره ، وتبليغ أوامره .

وعمل القلب : كالمحبة له ، والتوكل عليه ، والإنابة إليه ، والخوف منه والرجاء له ، وإخلاص الدين له ، والصبر على أوامره ، وعن نواهيه ، وعلى أقداره ، والرضى به وعنه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، والذل له والخضوع ، والإخبات إليه ، والطمأنينة به ، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ، ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها ، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة .

وأعمال الجوارح : كالصلاة والجهاد ، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ، ومساعدة العاجز ، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك .

ف " إياك نعبد " التزام لأحكام هذه الأربعة ، وإقرار بها ، " وإياك نستعين " طلب للإعانة عليها والتوفيق لها ، و " اهدنا الصراط المستقيم " متضمن للتعريف بالأمرين على التفصيل ، وإلهام القيام بهما ، وسلوك طريق السالكين إلى الله بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية