الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في ركوب ثلاثة على دابة

                                                                                                          2775 حدثنا عباس العنبري حدثنا النضر بن محمد هو الجرشي اليمامي حدثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه قال لقد قدت نبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين على بغلته الشهباء حتى أدخلته حجرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا قدامه وهذا خلفه وفي الباب عن ابن عباس وعبد الله بن جعفر قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا النضر بن محمد ) بن موسى الجرشي بالجيم المضمومة والشين المعجمة ، أبو محمد اليمامي ، مولى بني أمية ، ثقة له أفراد من التاسعة ( عن أبيه ) أي سلمة بن الأكوع .

                                                                                                          قوله : ( لقد قدت ) من القود ، وهو نقيض السوق فهو من أمام وذاك من خلف كالقيادة ، كذا في القاموس ، وقال في الصراح : قود كشيدن ستور وجزآن من باب نصر ينصر ( بنبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والحسن والحسين على بغلته الشهباء ) الشهبة في الألوان البياض الغالب على السواد ( هذا قدامه ) أي قدام النبي ، صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عباس وعبد الله بن جعفر ) أما حديث ابن عباس فأخرجه البخاري عنه قال : لما قدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكة استقبلته أغيلمة بني عبد المطلب ، فحمل واحدا بين يديه وآخر خلفه وأما حديث عبد الله بن جعفر فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي قال : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا قدم من سفر تلقي بنا ، فيلقى بي أو بالحسن أو بالحسين ، فجعل أحدنا بين يديه والآخر خلفه حتى دخلنا المدينة .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه مسلم .

                                                                                                          تنبيه : اعلم أنه قد وردت أحاديث تدل على المنع عن ركوب الثلاثة على الدابة الواحدة والجمع بين هذه الأحاديث المختلفة أن الجواز إذا كانت الدابة مطيقة والمنع إذا كانت عاجزة غير [ ص: 49 ] مطيقة . قال الحافظ في الفتح : أخرج الطبراني في الأوسط عن جابر : نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يركب ثلاثة على دابة . وسنده ضعيف وأخرج الطبري عن أبي سعيد : لا يركب الدابة فوق اثنين . وفي سنده لين . وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل زاذان : أنه رأى ثلاثة على بغل فقال : لينزل أحدكم ، فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعن الثالث ومن طريق أبي بردة عن أبيه نحوه ولم يصرح برفعه ، ومن طريق الشعبي قوله مثله . ومن حديث المهاجر بن قنفذ أنه لعن فاعل ذلك وقال : إنا قد نهينا أن يركب الثلاثة على الدابة وسنده ضعيف . وأخرج الطبري عن علي قال : إذا رأيتم ثلاثة على دابة فارجموهم حتى ينزل أحدهم . وعكسه ما أخرجه الطبري أيضا بسند جيد عن ابن مسعود قال : كان يوم بدر ثلاثة على بعير ، وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة أيضا من طريق الشعبي عن ابن عمر قال : ما أبالي أن أكون عاشر عشرة على دابة إذا أطاقت حمل ذلك . وبهذا يجمع بين مختلف الحديث في ذلك فيحمل ما ورد في الزجر عن ذلك على ما إذا كانت الدابة غير مطيقة كالحمار مثلا ، وعكسه على عكسه كالناقة والبغلة ، قال النووي : مذهبنا ومذهب العلماء كافة ، جواز ركوب ثلاثة على الدابة إذا كانت مطيقة . وحكى القاضي عياض منعه عن بعضهم مطلقا وهو فاسد . قال الحافظ : لم يصرح أحد بالجواز مع العجز ولا بالمنع مع الطاقة ، بل المنقول من المطلق في المنع والجواز محمول على القيد . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية