الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 479 ] كتاب الظهار .

والأصل في الظهار الكتاب والسنة :

فأما الكتاب : فقوله تعالى : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة ) الآية .

وأما السنة : فحديث خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت : " ظاهر مني زوجي أويس بن الصامت ، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكو إليه ، ورسول الله يجادلني فيه ويقول : اتقي الله فإنه ابن عمك ، فما خرجت حتى أنزل الله : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما ) الآيات ، فقال : ليعتق رقبة ، قالت : لا يجد ، قال : فيصوم شهرين متتابعين ، قالت : يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام ، قال : فليطعم ستين مسكينا ، قالت : ما عنده من شيء يتصدق به ، قال : فإني سأعينه بعرق من تمر ، قالت : وأنا أعينه بعرق آخر ، قال : لقد أحسنت اذهبي فأطعمي عنه ستين مسكينا " خرجه أبو داود . وحديث سلمة بن صخر البياضي عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والكلام في أصول الظهار ينحصر في سبعة فصول :

منها : في ألفاظ الظهار .

ومنها : في شروط وجوب الكفارة فيه .

ومنها : فيمن يصح فيه الظهار .

ومنها فيما يحرم على المظاهر .

ومنها : هل يتكرر الظهار بتكرر النكاح ؟ .

ومنها : هل يدخل الإيلاء عليه ؟ .

ومنها : القول في أحكام كفارة الظهار .

الفصل الأول

في ألفاظ الظهار .

- واتفق العلماء على أن الرجل إذا قال لزوجته : أنت علي كظهر أمي أنه ظهار ، واختلفوا إذا ذكر عضوا غير الظهر ، أو ذكر ظهر من تحرم عليه من المحرمات النكاح على التأبيد غير الأم . فقال مالك : هو ظهار . وقال جماعة من العلماء : لا يكون ظهارا إلا بلفظ الظهر والأم . وقال أبو حنيفة : يكون بكل عضو يحرم النظر إليه .

وسبب اختلافهم : معارضة المعنى للظاهر :

وذلك أن معنى التحريم تستوي فيه الأم وغيرها من المحرمات ، والظهر وغيره من الأعضاء .

وأما الظاهر من الشرع ، فإنه يقتضي أن لا يسمى ظهارا إلا ما ذكر فيه لفظ الظهر والأم . وأما إذا قال : هي علي كأمي ولم يذكر الظهر : فقال أبو حنيفة والشافعي : ينوي في ذلك لأنه قد يريد بذلك الإجلال لها وعظم منزلتها عنده . وقال مالك : هو ظهار .

وأما من شبه زوجته بأجنبية لا تحرم عليه على التأبيد ، فإنه ظهار عند مالك ، وعند ابن الماجشون ليس بظهار .

[ ص: 480 ] وسبب الخلاف : هل تشبيه الزوجة بمحرمة غير مؤبدة التحريم كتشبيهها بمؤبدة التحريم ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية