الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئا

                                                                                                          2721 حدثنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي عن رجل من قومه قال طلبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أقدر عليه فجلست فإذا نفر هو فيهم ولا أعرفه وهو يصلح بينهم فلما فرغ قام معه بعضهم فقالوا يا رسول الله فلما رأيت ذلك قلت عليك السلام يا رسول الله عليك السلام يا رسول الله عليك السلام يا رسول الله قال إن عليك السلام تحية الميت إن عليك السلام تحية الميت ثلاثا ثم أقبل علي فقال إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل السلام عليكم ورحمة الله ثم رد علي النبي صلى الله عليه وسلم قال وعليك ورحمة الله وعليك ورحمة الله وعليك ورحمة الله قال أبو عيسى وقد روى هذا الحديث أبو غفار عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي جري جابر بن سليم الهجيمي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد [ ص: 420 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 420 ] قوله : ( عن أبي تميمة ) بفتح أوله اسمه طريف بن مجالد ( الهجيمي ) بالجيم مصغرا البصري ثقة من الثالثة .

                                                                                                          قوله : ( ولا أعرفه ) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- ( قال إن عليك السلام تحية الميت ) قال الخطابي هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له عليك السلام كما يفعله كثير من العامة وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه دخل المقبرة فقال : السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين فقدم الدعاء على اسم المدعو له كهو في تحية الأحياء ، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم كقول الشاعر :


                                                                                                          عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته إن شاء أن يترحما



                                                                                                          وكقول الشماخ :


                                                                                                          عليك السلام من أمير وباركت يد الله ذلك الأديم الممزق



                                                                                                          والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات ، بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه والله أعلم انتهى . وقال الحافظ ابن القيم في كتابه زاد المعاد : وكان هديه في ابتداء السلام أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله ، وكان يكره أن يقول المبتدئ : عليك السلام ، قال أبو جرير الهجيمي : أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت عليك السلام يا رسول الله ، فقال : لا تقل عليك السلام ؛ لأن عليك السلام تحية الموتى حديث صحيح وقد أشكل هذا الحديث على طائفة وظنوه معارضا لما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- في السلام على الأموات بلفظ السلام عليكم بتقديم السلام ، فظنوا أن قوله فإن عليك السلام تحية الموتى ، إخبار عن المشروع وغلطوا في ذلك غلطا أوجب لهم ظن التعارض ، [ ص: 421 ] وإنما معنى قوله : فإن عليك السلام تحية الموتى إخبار عن الواقع لا المشروع ، أي أن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة كقول قائلهم :


                                                                                                          عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
                                                                                                          فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما



                                                                                                          فكره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحيا بتحية الأموات ، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم ، وكان يرد على المسلم وعليك السلام بالواو ، وبتقديم عليك على لفظ السلام ، انتهى .

                                                                                                          قلت : في قوله ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم نظر فإنه قد وقع في رواية الترمذي هذه ، ثم رد على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال وعليك ورحمة الله .




                                                                                                          الخدمات العلمية