الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 90 ] ابن شهاب ، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب حديث واحد .

هما عبد الله والحسن ابنا محمد بن الحنفية ، كانا جليلين عالمين ثقتين إلا أن عبد الله هذا تنتحله الشيعة بأسرها ، والحسن أول من تكلم بالإرجاء ، وعبد الله يكنى أبا هاشم ، وكان عالما بالحدثان .

قال العدوي في كتاب النسب : أبو هاشم عبد الله بن محمد بن علي ، كان عالما أديبا ، وهو الذي أخبر عن دولة المسودة ، وقد روى عنه الحديث الزهري وغيره . وقال مصعب الزبيري : عبد الله بن محمد يكنى أبا هاشم ، وكان صاحب الشيعة ، فأوصى إلى محمد ( بن علي ) بن عبد الله بن عباس [ ص: 91 ] ودفع إليه كتبه ومات عنده وقد انقرض ولده إلا من قبل النساء .

وذكر الطبري قال : كان أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية أوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ودفع إليه كتبه ، وكان محمد بن علي وصي أبي هاشم فقال له أبو هاشم : إن هذا الأمر إنما هو في ولدك . وكانت الشيعة الذين يأتون أبا هاشم ويختلفون إليه ، قد صاروا بعد ذلك إلى محمد بن علي . قال : وكان أبو هاشم عالما قد سمع وقرأ الكتب .

قال الواقدي : مات عبد الله بن محمد بن الحنفية أبو هاشم سنة سبع وتسعين ، سقي سما في لبن فمات منه .

وقال العدوي : وأما الحسن بن محمد بن الحنفية ، فكان من أظرف فتيان قريش ، وكان أول من وضع الرسائل وكان رأس المرجئة الأولى ، وأول من تكلم في الإرجاء ، وكان داعية [ ص: 92 ] أبيه إذ كان أبوه في الشعب ، ولما خرج الحسن داعية لأبيه أخذه إبراهيم بن الأشتر بنصيبين ( فبعث به إلى مصعب بن الزبير وكان إبراهيم بن الأشتر عامل مصعب على نصيبين ) فبعث به مصعب بن الزبير إلى أخيه عبد الله بن الزبير فحبسه في السجن ثم أفلت منه .

قال أبو عبد الله العدوي : فحدثنا عثمان بن سعد شيخ من أهل واسط قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار قال : قلت للحسن بن محمد : كيف أفلت من سجن ابن الزبير ؟ قال : أفلت ليلا فأخذت على أطراف الجبال حتى أتيت أبي . قال العدوي : وكان السجن الذي حبسه فيه ابن الزبير يعرف بسجن عارم ، وهو الذي عنى كثير عزة في قوله :


بل العائذ المظلوم في سجن عارم

[ ص: 93 ] قال : وكان فقيها قد روى عنه الزهري وعمرو بن دينار فأكثرا . قال : ولمحمد بن علي بن أبي طالب بنون : عبد الله أبو هاشم والحسن - وقد مضى ذكرهما - وجعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب قتل يوم الحرة ، والقاسم بن محمد بن علي ، وبه كان يكنى أبوه محمد بن الحنفية وإبراهيم بن محمد ، وهو الذي يلقب شعرة وكان شديد العارضة . وقال مصعب : الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب : أمه جمال بنت قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف . قال : والحسن أول من تكلم في الإرجاء .

حدثني عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال : حدثنا حجر بن عبد الجبار ، عن عيسى بن علي قال : مات أبو هاشم بن محمد بن الحنفية في عسكر الوليد بدمشق . وقال مصعب الزبيري : مات بالحجر من بلاد ثمود . قال مصعب : وتوفي الحسن بن محمد بن علي في خلافة عمر بن عبد العزيز .

قال أبو عمر : يقال سنة مائة . وحدثني عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا [ ص: 94 ] أبو الفتح نصر بن المغيرة ، عن سفيان بن عيينة قال : قلت لعبد الواحد بن أيمن ، وكان الحسن بن محمد ينزل عليه إذا قدم ، من كان يأتيه ؟ قال : عطاء وعمرو بن دينار والزبير بن موسى وغيرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية