الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في عالم المدينة

                                                                                                          2680 حدثنا الحسن بن الصباح البزار وإسحق بن موسى الأنصاري قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة رواية يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة قال أبو عيسى هذا حديث حسن وهو حديث ابن عيينة وقد روي عن ابن عيينة أنه قال في هذا سئل من عالم المدينة فقال إنه مالك بن أنس وقال إسحق بن موسى سمعت ابن عيينة يقول هو العمري الزاهد واسمه عبد العزيز بن عبد الله وسمعت يحيى بن موسى يقول قال عبد الرزاق هو مالك بن أنس والعمري هو عبد العزيز بن عبد الله من ولد عمر بن الخطاب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن أبي هر يرة رواية ) بالنصب على التمييز وهو كناية عن رفع الحديث إلى رسول [ ص: 373 ] الله -صلى الله عليه وسلم- وإلا لكان موقوفا ( يوشك ) بالكسر والفتح لغة رديئة أي يقرب ( أن يضرب الناس ) هو في محل الرفع اسم ليوشك ولا حاجة إلى الخبر لاشتمال الاسم على المسند والمسند إليه ( أكباد الإبل ) أي المحاذي لأكبادها يعني يرحلون ويسافرون في طلب العلم وهو كناية عن إسراع الإبل وإجهادها في السير .

                                                                                                          قال الطيبي : ضرب أكباد الإبل كناية عن السير السريع ؛ لأن من أراد ذلك يركب الإبل ويضرب على أكبادها بالرجل ، وفي إيراد هذا القول تنبيه على أن طلبة العلم أشد الناس حرصا ، وأعزهم مطلبا ؛ لأن الجد في الطلب إنما يكون بشدة الحرص وعزة المطلب ، والمعنى : قرب أن يأتي زمان يسير الناس سيرا شديدا في البلدان البعيدة ( يطلبون العلم ) حال أو بدل ( فلا يجدون أحدا ) أي في العالم ( أعلم من عالم المدينة ) قيل هذا في زمان الصحابة والتابعين ، وأما بعد ذلك فقد ظهرت العلماء الفحول في كل بلدة من بلاد الإسلام أكثر ما كانوا بالمدينة فالإضافة للجنس

                                                                                                          قوله : ( قال في هذا من عالم المدينة ) قوله : من عالم المدينة بيان لقوله هذا ( إنه مالك بن أنس ) يعني إمام دار الهجرة -رحمه الله- ( هو العمري الزاهد واسمه عبد العزيز بن عبد الله ) كذا فسر الترمذي العمري الزاهد بعبد العزيز بن عبد الله ، وقد صرح الحافظ في تهذيب التهذيب بأن العمري الزاهد هو ابنه عبد الله ، فقال في ترجمته عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي العمري الزاهد المدني ، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلا لما استعمل عليا على اليمن ، قال له قدم الوضيع قبل الشريف . قدم الضعيف قبل القوي ، وعن أبيه وغيره وعن ابن عيينة وغيره ، قال النسائي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال كان من أزهد أهل زمانه وأشدهم تخليا للعبادة ، وتوفي سنة أربع وثمانين ومائة ، وقال ابن سعد : كان عابدا ناسكا عالما ، وقال الترمذي : سمعت إسحاق يقول : سمعت ابن عيينة يقول في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل . الحديث ، هو العمري . وقال ابن أبي خيثمة [ ص: 374 ] أخبرنا مصعب قال : كان العمري يأمر بالمعروف ، ويتقدم بذلك على الخلفاء ، ويحتملون له ذلك . وقال الزبير : كان أزهد أهل زمانه وأعبدهم ، انتهى مختصرا . وقال في التقريب في ترجمة عبد العزيز بن عبد الله ما لفظه : عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي المدني ثقة من السادسة ، وهو والد عبد الله الزاهد العمري ، انتهى . فقول الترمذي واسمه عبد العزيز بن عبد الله ليس بصحيح ، والصواب أن اسم العمري الزاهد عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله .




                                                                                                          الخدمات العلمية