الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 101 ] [فصل]

في استحباب قراءة الجماعة مجتمعين وفضل القارئين من الجماعة والسامعين، وبيان فضيلة من جمعهم عليها وحرضهم وندبهم إليها.

الثواب المشترك

اعلم أن قراءة الجماعة مجتمعين مستحبة بالدلائل الظاهرة، وأفعال السلف والخلف المتظاهرة؛ فقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية أبي هريرة وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - أنه قال: ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده صلى الله عليه وسلم قال الترمذي : حديث حسن صحيح.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم - إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده رواه مسلم ، وأبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم .

وعن معاوية - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده لما هدانا للإسلام ومن علينا به، فقال: أتاني جبريل - عليه السلام - فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة .

[ ص: 102 ] رواه الترمذي والنسائي ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

والأحاديث في هذا كثيرة، وروى الدارمي بإسناده، عن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نورا .

وروى ابن أبي داود أن أبا الدرداء - رضي الله عنه - كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعا .

وروى ابن أبي داود فعل الدراسة مجتمعين عن جماعات من أفاضل السلف والخلف وقضاة المتقدمين.

وعن حسان بن عطية والأوزاعي أنهما قالا: أول من أحدث الدراسة في مسجد دمشق - هشام بن إسماعيل في مقدمه على عبد الملك .

وأما ما روى ابن أبي داود ، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب أنه أنكر هذه الدراسة، وقال: ما رأيت ولا سمعت وقد أدركت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يعني: ما رأيت أحدا فعلها.

وعن وهب قال: قلت لمالك : أرأيت القوم يجتمعون فيقرؤون جميعا سورة واحدة حتى يختموها؟ فأنكر ذلك وعابه، وقال: ليس هكذا تصنع الناس، إنما كان يقرأ الرجل على الآخر يعرضه.

فهذا الإنكار منهما مخالف لما عليه السلف والخلف، ولما يقتضيه [ ص: 103 ] الدليل، فهو متروك، والاعتماد على ما تقدم من استحبابها، لكن القراءة في حال الاجتماع لها شروط قدمناها ينبغي أن يعتنى بها. والله أعلم.

وأما فضيلة من يجمعهم على القراءة ففيها نصوص كثيرة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: الدال على الخير كفاعله .

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم .

والأحاديث فيه كثيرة مشهورة، وقد قال الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا شك في عظم أجر الساعي في ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية