الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
وإن لم يمكن التمييز بينهما بأن أبهم التاريخ ، وليس في اللفظ ما يدل عليه ، وتعذر الجمع بينهما ، فحينئذ يتعين المصير إلى الترجيح . ووجوه الترجيحات كثيرة أنا أذكر معظمها .

الوجه الأول : فمما يرجح به أحد الحديثين على الآخر كثرة العدد في أحد الجانبين ، وهي مؤثرة في باب الرواية ؛ لأنها تقرب مما يوجب العلم ، وهو التواتر ؛ نحو : استدلال من ذهب إلى إيجاب الوضوء من مس الذكر بالأحاديث الواردة في الباب ، نظرا إلى كثرة العدد ؛ لأن حديث [ ص: 60 ] الإيجاب رواه نفر من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو : عبد الله بن عمرو بن العاص ، وأبي هريرة ، وعائشة ، وأم حبيبة ، وبسرة ، - رضي الله عنهم - وأما حديث الرخصة فلا يحفظ من طريق يوازي هذه الطرق أو يقاربها ، إلا من حديث طلق بن علي اليمامي ؛ وهو حديث فرد في الباب ، ولو تسلم أن حديث طلق يوازي تلك الأحاديث في الثبوت كان حديث الجماعة أولى أن يكون محفوظا من حديث رجل واحد .

وقال بعض الكوفيين : كثرة الروايات لا تأثير لها في باب الترجيحات ؛ لأن طريق كل واحد منهما غلبة الظن ، فصار كشهادة الشاهدين مع شهادة الأربعة .

يقال على هذا : إن إلحاق الرواية بالشهادة غير ممكن ؛ لأن الرواية وإن شاركت الشهادة في بعض الوجوه فقد فارقتها في أكثر الوجوه ، ألا ترى أنه لو شهد خمسون امرأة لرجل بمال لا تقبل شهادتهن ، ولو شهد به رجلان قبلت شهادتهما ، ومعلوم أن شهادة الخمسين أقوى في النفس من شهادة رجلين ؛ لأن غلبة الظن إنما هي معتبرة في باب الرواية دون الشهادة ، وكذا سوى الشارع بين شهادة إمامين عالمين ، وشهادة رجلين لم يكونا في منزلتهما ، وأما في باب الرواية ترجح رواية الأعلم الأدين على غيره من غير خلاف يعرف في ذلك ، فلاح الفرق بينهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية