الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم

                                                                                                          2589 حدثنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ناركم هذه التي توقدون جزء واحد من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فإنها فضلت بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهمام بن منبه هو أخو وهب بن منبه وقد روى عنه وهب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءا ) قال الحافظ في رواية لأحمد : من مائة جزء والجمع بأن المراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص أو الحكم للزائد ، انتهى ( من حر جهنم ) وفي رواية البخاري من نار جهنم ( إن كانت لكافية ) إن هي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة ، أي إن هذه النار التي نراها في الدنيا كانت كافية في العقبى لتعذيب العصاة ، فهلا اكتفى بها ولأي شيء زيدت في حرها ( قال فإنها ) أي نار جهنم ( فضلت ) وفي رواية البخاري فضلت عليهن والمعنى على نيران الدنيا . وفي رواية مسلم فضلت عليها أي على النار ( كلهن ) أي حرارة كل جزء من تسعة وستين جزءا من نار جهنم ( مثل حرها ) أي مثل حرارة ناركم في الدنيا . وحاصل الجواب منع الكفاية أي لا بد من التفضيل لحكمة كون عذاب الله أشد من عذاب الناس ، ولذلك أوثر ذكر النار على سائر أصناف العذاب في كثير من الكتاب والسنة منها قوله تعالى : فما أصبرهم على النار وقوله : فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة وإنما أظهر الله هذا الجزء من النار في الدنيا أنموذجا لما في تلك الدار . وقال الطيبي ما محصله : إنما أعاد -صلى الله عليه وسلم- حكاية تفضيل نار جهنم على نار [ ص: 266 ] الدنيا ، إشارة إلى المنع من دعوى الإجزاء ، أي لا بد من الزيادة ليتميز ما يصدر من الخالق من العذاب على ما يصدر من خلقه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث : رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي ، وليس عند مالك " كلهن مثل حرها " ، ورواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي فزادوا فيه : وضربت بالبحر مرتين ، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد ، وفي رواية للبيهقي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : يحسبون أن نار جهنم مثل ناركم هذه هي أشد سوادا من القار ، هي جزء من بضعة وستين جزءا منها أو نيف وأربعين ، شك أبو سهيل ، انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية