الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود

                                                                                                          268 حدثنا سلمة بن شبيب وأحمد بن إبراهيم الدورقي والحسن بن علي الحلواني وعبد الله بن منير وغير واحد قالوا حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه قال زاد الحسن بن علي في حديثه قال يزيد بن هارون ولم يرو شريك عن عاصم بن كليب إلا هذا الحديث قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرف أحدا رواه مثل هذا عن شريك والعمل عليه عند أكثر أهل العلم يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه وروى همام عن عاصم هذا مرسلا ولم يذكر فيه وائل بن حجر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود )

                                                                                                          وفي بعض النسخ : باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين ، وهذا هو يطابقه حديث الباب .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا سلمة بن شبيب ) النيسابوري أبو عبد الله الحافظ نزيل مكة ، روى عنه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، قال أبو حاتم : صدوق ، وقال أبو نعيم ، أحد الثقات ( وعبد الله بن منير ) بضم الميم وكسر النون آخره راء مهملة أبو عبد الرحمن المروزي الزاهد ، ثقة عابد ، روى عنه البخاري ، وقال : لم أر مثله والترمذي والنسائي ووثقه ( وأحمد بن إبراهيم الدورقي ) النكري بضم النون البغدادي ثقة حافظ ( حدثنا يزيد بن هارون ) ابن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي ثقة متقن عابد .

                                                                                                          قوله : ( إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه ) استدل به من قال بوضع الركبتين قبل اليدين لكن [ ص: 118 ] الحديث ضعيف كما ستعرف .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث غريب حسن لا نعرف أحدا رواه غير شريك ) في كون هذا الحديث حسنا نظر ، فإنه قد تفرد به شريك وهو ابن عبد الله النخعي الكوفي صدوق يخطئ كثيرا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة . وقال الدارقطني في سننه بعد رواية هذا الحديث : تفرد به يزيد عن شريك ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك ، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به ، انتهى . وقال المنذري في تلخيص السنن : قال أبو بكر البيهقي : هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي ، وإنما تابعه همام مرسلا هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين ، هذا آخر كلامه . وشريك هذا هو ابن عبد الله النخعي القاضي وفيه مقال ، وقد أخرج له مسلم متابعة ، انتهى كلام المنذري . وقال الحافظ الحازمي في كتاب الاعتبار بعد رواية هذا الحديث من طريق شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن وائل ما لفظه : ورواه همام بن يحيى عن محمد بن جحادة ، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال همام : وثنا شقيق ، يعني أبا الليث ، عن عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو المحفوظ ، انتهى كلام الحازمي . قلت : طريق همام بن يحيى ، عن محمد بن جحادة منقطع ، فإن عبد الجبار لم يسمع عن أبيه ، وطريق همام عن شقيق أيضا ضعيف ، فإن شقيقا أبا الليث مجهول . قال في التقريب . شقيق أبو الليث ، عن عاصم بن كليب مجهول ، انتهى . وقال في الميزان : شقيق عن عاصم بن كليب وعنه همام لا يعرف ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( والعمل عليه عند أكثر أهل العلم يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه إلخ ) قال الحازمي في كتاب الاعتبار : قال ابن المنذر : وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فممن رأى أن يضع ركبتيه قبل يديه عمر بن الخطاب ، وبه قال النخعي ، ومسلم بن يسار وسفيان الثوري ، والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه وأهل الكوفة . وقالت طائفة : يضع يديه إلى الأرض إذا سجد قبل ركبتيه ، كذلك قال مالك . وقال الأوزاعي : أدركت الناس يضعون أيديهم [ ص: 119 ] قبل ركبهم ، انتهى . وقال البخاري في صحيحه : قال نافع : كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه ، انتهى . وقال الشوكاني في النيل : وذهبت العترة والأوزاعي ومالك وابن حزم إلى استحباب وضع اليدين قبل الركبتين ، وهي رواية عن أحمد ، وروى الحازمي عن الأوزاعي أنه قال : أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم . قال ابن أبي داود : وهو قول أصحاب الحديث ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وروى همام عن عاصم هذا مرسلا ولم يذكر فيه وائل بن حجر ) قال الحافظ في التلخيص بعد نقل قول الترمذي هذا ما لفظه : وقد تعقب قول الترمذي أن هماما إنما رواه عن شقيق عن عاصم عن أبيه مرسلا ، انتهى . قلت : الأمر كما قال الحافظ كما عرفت فيما تقدم في كلام الحازمي .




                                                                                                          الخدمات العلمية