الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
السابق واللاحق


851 . وصنفوا في سابق ولاحق وهو اشتراك راويين سابق      852 . موتا كزهري وذي تدارك
كابن دويد رويا عن مالك      853 . سبع ثلاثون وقرن وافي
أخر كالجعفي والخفاف

التالي السابق


صنف الخطيب كتابا سماه السابق واللاحق ، وموضوعه : أن يشترك راويان في الرواية عن شخص واحد ، وأحد الراويين متقدم ، والآخر متأخر ، بحيث يكون بين وفاتيهما أمد بعيد . قال ابن الصلاح : ومن فوائد ذلك تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب . ومثال ذلك : أن الإمام مالك بن أنس روى عنه أبو بكر الزهري أحد شيوخه ، وروى عنه أيضا زكريا بن دويد الكندي ، وقد تأخرت وفاة زكريا بن دويد بعد موت الزهري مائة وسبعا وثلاثين سنة أو أكثر ، فإن وفاة الزهري في سنة أربع وعشرين ومائة ، وتأخر زكريا بن دويد إلى سنة نيف وستين ومائتين ، قلت : هكذا مثل ابن الصلاح تبعا للخطيب بزكريا بن دويد ، وهو وإن كان روى عن مالك ، [ ص: 194 ] فإنه أحد الكذابين قال ابن حبان : "كان يضع الحديث ، بل زاد وادعى أنه سمع من حميد الطويل ، وروى عنه نسخة موضوعة" . فلا ينبغي حينئذ أن يمثل به والصواب : أن آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السهمي ، كما قاله المزي ، وكانت وفاة السهمي سنة تسع وخمسين ومائتين ; فيكون بينه وبين وفاة الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة ، والسهمي وإن كان ضعيفا أيضا فإن أبا مصعب شهد له أنه كان يحضر معهم العرض على مالك .

وقولي : ( أخر ) أي : ابن دويد ، وقولي : ( كالجعفي والخفاف ) أي : كما تقدمت وفاة محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري على وفاة أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري ، بهذا المقدار ، وهو مائة وسبع وثلاثون سنة . وقد اشتركا في الرواية عن أبي العباس محمد بن إسحاق السراج ، فروى عنه البخاري في تاريخه وآخر من روى عن السراج الخفاف ، وتوفي البخاري سنة ست وخمسين ومائتين ، وتوفي الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، ومن أمثلة ذلك في زماننا : أن الفخر بن البخاري سمع منه الزكي عبد العظيم المنذري ، وروى عنه جماعة موجودون بدمشق في هذه السنة ، وهي سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ، منهم : عمر بن الحسن بن مزيد المزي ، ونجم الدين بن النجم ، وصلاح الدين إمام مدرسة الشيخ أبي عمر ، وقد توفي الزكي عبد العظيم سنة ست وخمسين وستمائة .




الخدمات العلمية