الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5189 (12) باب الخليفة الكائن في آخر الزمان وفيمن يهلك أمة النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                              وتقتل عمارا الفئة الباغية

                                                                                              وإخماد الفتنة الباغية

                                                                                              ولتفنى كنوز كسرى في سبيل الله

                                                                                              [ 2818 ] عن أبي نضرة قال : كنا عند جابر بن عبد الله فقال : يوشك أهل العراق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم ، قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل العجم ، يمنعون ذاك ، ثم قال : يوشك أهل الشأم ألا يجبى إليهم دينار ولا مدي ، قلنا : من أين ذاك ؟ قال : من قبل الروم ، ثم أسكت هنية ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا ، ولا يعده عددا ، قيل لأبي نضرة وأبي العلاء : أتريان أنه عمر بن عبد العزيز ؟ فقالا : لا .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 217) ، ومسلم (2913) .

                                                                                              [ ص: 252 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 252 ] (12) ومن باب : الخليفة الكائن في آخر الزمان

                                                                                              (قوله : " يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا ، ولا يعده عدا ") أي : يصبه صبا . يقال : حثى يحثي حثيا ، وحثا يحثو حثوا ، وقد وقع الفعلان في الأم ، والمصدر حثيا بفتح الحاء وإسكان الثاء ، وضبط عن أبي بحر حثيا ، بكسر الثاء ، وتشديد الياء ، وليس بمعروف ، وإنما نفى أبو نضرة أن يكون هذا الخليفة هو عمر بن عبد العزيز لقوله صلى الله عليه وسلم : " في آخر أمتي " ، وذلك لا يصدق على زمن عمر بن عبد العزيز إلا بالتوسع البعيد ، ولأنه لم يصب المال كما جاء في هذا الحديث ، وقد روى الترمذي وأبو داود أحاديث صحيحة في هذا الخليفة ، وسمياه بالمهدي ، فروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي " ، قال [ ص: 253 ] : حديث حسن صحيح . وخرجه أبو داود ، وزاد فيه : " يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " . ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي " . قال : حديث حسن صحيح . ومن حديث أبي سعيد قال : خشينا أن يكون بعد نبينا حدث ، فسألناه ، فقال : " إن في أمتي المهدي ، يخرج ، يعيش خمسا ، أو سبعا ، أو تسعا " . زيد الشاك . قال : قلنا : وما ذاك ؟ قال : سنين . قال : فيجيء إليه الرجل فيقول : يا مهدي أعطني ; يا مهدي أعطني ، قال : فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله " . قال : هذا حديث حسن . وروى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المهدي في أمتي : أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما ، يملك سبع سنين " . وروى أيضا أبو داود عن أم سلمة - رضي الله عنها - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة ، فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويبعث إليه بعث من أهل الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال أهل الشام ، وعصائب أهل العراق فيبايعونه ، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب ، فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم ، وذلك بعث كلب ، والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب ، فيقسم المال ، ويعمل في الناس بسنة نبيهم ، ويلقي الإسلام بجرانه إلى الأرض فيلبث سبع سنين ثم يتوفى ، ويصلي عليه [ ص: 254 ] المسلمون " . وفي رواية : " تسع سنين " . فهذه أخبار صحيحة ومشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على خروج هذا الخليفة الصالح في آخر الزمان ، وهو ينتظر إذ لم يسمع بمن كملت له جميع تلك الأوصاف التي تضمنتها تلك الأخبار ، والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية