الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 890 ] النوع الحادي والستون :

        معرفة الثقات والضعفاء ، هو من أجل الأنواع ، فبه يعرف الصحيح والضعيف ، وفيه تصانيف كثيرة : منها مفرد في الضعفاء : ككتاب البخاري ، والنسائي ، والعقيلي ، والدارقطني وغيرها ، وفي الثقات : كالثقات لابن حبان .

        ومشترك : كتاريخ البخاري ، وابن أبي خيثمة ، وما أغزر فوائده ! وابن أبي حاتم وما أجله ! وجوز الجرح والتعديل صيانة للشريعة ، ويجب على المتكلم فيه التثبت فقد أخطأ غير واحد بجرحهم بما لا يجرح .

        . وتقدمت أحكامه في " الثالث والعشرين " .

        التالي السابق


        ( النوع الحادي والستون : معرفة الثقات والضعفاء هو من أجل الأنواع فبه يعرف الصحيح والضعيف ، وفيه تصانيف كثيرة ) لأئمة الحديث .

        ( منها : مفرد في الضعفاء ككتاب البخاري ، والنسائي ، والعقيلي ، والدارقطني ، وغيرها ، ككتاب الساجي ، وابن حبان ، والأزدي ، والكامل لابن عدي .

        إلا أنه ذكر كل من تكلم فيه وإن كان ثقة ، وتبعه على ذلك الذهبي في الميزان ، إلا أنه لم يذكر أحدا من الصحابة ، والأئمة المتبوعين ، وفاته جماعة ، ذيلهم عليه الحافظ أبو الفضل العراقي في مجلد .

        وعمل شيخ الإسلام لسان الميزان ضمنه الميزان وزوائد .

        وللذهبي في هذا النوع المغني ، كتاب صغير الحجم نافع جدا من جهة أنه يحكم على كل رجل بالأصح فيه بكلمة واحدة ، على إعواز فيه ، سأجمعه إن شاء الله تعالى في ذيل عليه .

        ومنها : مفرد ( وفي الثقات ، كالثقات لابن حبان ) ، ولابن شاهين ، وللعجلي ، [ ص: 891 ] ( و ) منها : ( مشترك ) جمع فيه الثقات ، والضعفاء ( كتاريخ البخاري ، وابن أبي خيثمة ، وما أغزر فوائده ، و ) الجرح والتعديل ، تصنيف ( ابن أبي حاتم وما أجله ) وطبقات ابن سعد ، وتمييز النسائي ، وغيرها .

        ( وجوز الجرح والتعديل صيانة للشريعة ) وذبا عنها ، قال تعالى : إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا .

        وقال - صلى الله عليه وسلم - في التعديل : " إن عبد الله رجل صالح " .

        ، وفي الجرح " بئس أخو العشيرة " .

        وقال : " حتى متى ترعون عن ذكر الفاجر ، هتكوه يحذره الناس " وتكلم في الرجال جمع من الصحابة والتابعين فمن بعدهم .

        وأما قول صالح جزرة : أول من تكلم في الرجال شعبة ، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ، ثم أحمد وابن معين ، فيعني أنه أول من تصدى لذلك .

        وقد قال أبو بكر بن خلاد ليحيى بن سعيد : أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله ؟ فقال : لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : لم لم تذب الكذب عن حديثي .

        [ ص: 892 ] وقال أبو تراب النخشبي لأحمد بن حنبل : لا تغتب العلماء . فقال له أحمد : ويحك ، هذا نصيحة ليس هذا غيبة .

        وقال بعض الصوفية لابن المبارك : تغتاب ، قال اسكت إذا لم نبين ، كيف نعرف الحق من الباطل ؟

        ( ويجب على المتكلم فيه التثبت ) فقد قال ابن دقيق العيد : أعراض المسلمين حفرة من النار ، وقف على شفيرها طائفتان من الناس : المحدثون والحكام .

        ومع ذلك ( فقد أخطأ غير واحد ) من الأئمة ( بجرحهم ) لبعض الثقات ( بما لا يجرح ) ، كما جرح النسائي أحمد بن صالح المصري بقوله : غير ثقة ، ولا مأمون ، وهو ثقة إمام حافظ ، احتج به البخاري ووثقه الأكثرون .

        قال الخليلي : اتفق الحفاظ على أن كلام النسائي فيه تحامل ، ولا يقدح كلام أمثاله فيه .

        قال ابن عدي : وسبب كلام النسائي فيه أنه حضر مجلسه فطرده ، فحمله ذلك على أن تكلم فيه .

        قال ابن الصلاح : وذلك لأن عين السخط تبدي مساوي ، لها في الباطن مخارج صحيحة ، تعمى عنها بحجاب السخط ، لا أن ذلك يقع منهم تعمدا للقدح مع العلم ببطلانه .

        [ ص: 893 ] وقال ابن يونس : لم يكن أحمد بن صالح كما قال النسائي ، لم تكن له آفة غير الكبر .

        وقد تكلم فيه ابن معين بما يشير إلى ذلك فقال : كذاب يتفلسف رأيته يخطر في جامع مصر ، فنسبه إلى الفلسفة ، وأنه يخطر في مشيته .

        ولعل ابن معين لا يدري ما الفلسفة ، فإنه ليس من أهلها .

        وقال شيخ الإسلام : إنما ضعف ابن معين أحمد بن صالح الشمومي لا المصري المتكلم عليه هنا .

        قال ابن دقيق : والوجوه التي تدخل الآفة منها خمسة : أحدها الهوى والغرض ، وهو شرها ، وهو في تاريخ المتأخرين كثير .

        الثاني : المخالفة في العقائد .

        الثالث : الاختلاف بين المتصوفة وأهل علم الظاهر .

        [ ص: 894 ] الرابع : الكلام بسبب الجهل بمراتب العلوم ، وأكثر ذلك في المتأخرين ، لاشتغالهم بعلوم الأوائل وفيها الحق ، كالحساب والهندسة والطب ، والباطل : كالطبيعي وكثير من الإلهي ، وأحكام النجوم .

        الخامس : الأخذ بالتوهم مع عدم الورع .

        وقد عقد ابن عبد البر في كتاب العلم بابا لكلام الأقران المتعاصرين في بعضهم ، ورأى أن أهل العلم لا يقبل جرحهم إلا ببيان واضح .

        ( وتقدمت أحكامه في ) النوع ( الثالث والعشرين ) فأغنى عن إعادتها هنا .

        فائدتان

        الأولى : قال في الاقتراح : تعرف ثقة الراوي بالتنصيص عليه من رواته أو ذكره في تاريخ الثقات ، أو تخريج أحد الشيخين له في الصحيح ، وإن تكلم في بعض من خرجا له ، فلا يلتفت إليه ، أو تخريج من اشترط الصحة له أو من خرج على كتب الشيخين .

        الثانية : قال الحاكم في المدخل : المجروحون على عشر طبقات : الأولى قوم وضعوا الحديث .

        [ ص: 895 ] الثانية : قوم قلبوه فوضعوا لأحاديث أسانيد غير أسانيدها .

        الثالثة : قوم حملهم الشره على الرواية عن قوم لم يدركوهم .

        الرابعة : قوم عمدوا إلى الموقوفات فرفعوها .

        الخامسة : قوم عمدوا إلى المراسيل فوصلوها .

        السادسة : قوم غلب عليهم الصلاح فلم يتفرغوا لضبط الحديث ، فدخل عليهم الوهم .

        السابعة : قوم سمعوا من شيوخ ثم حدثوا عنهم بما لم يسمعوا .

        الثامنة : قوم سمعوا كتبا ثم حدثوا من غير أصول سماعهم .

        التاسعة : قوم جيء إليهم ليحدثوا بها فأجابوا من غير أن يدروا أنها سماعهم .

        العاشرة : قوم تلفت كتبهم فحدثوا من حفظهم على التخمين كابن لهيعة .




        الخدمات العلمية