الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة الحاقة .

بسم الله الرحمن الرحيم .

قال تعالى : ( الحاقة ( 1 ) ما الحاقة ( 2 ) وما أدراك ما الحاقة ( 3 ) ) .

قوله تعالى : ( الحاقة ) : قيل : هو خبر مبتدأ محذوف . وقيل : مبتدأ وما بعده الخبر على ما ذكر في الواقعة . و ( ما ) الثانية : مبتدأ ، و " أدراك " : الخبر . والجملة بعده في موضع نصب .

[ ص: 464 ] قال تعالى : ( فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ( 5 ) ) .

و ( الطاغية ) : مصدر كالعافية . وقيل : اسم فاعل بمعنى الزائدة .

قال تعالى : ( سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ( 7 ) ) .

( سخرها ) : مستأنف ، أو صفة ، و " حسوما " : مصدر ؛ أي قطعا لهم . وقيل : هو جمع ؛ أي متتابعات . و ( صرعى ) : حال ، و " كأنهم " : حال أخرى من الضمير في صرعى .

و ( خاوية ) : على لغة من أنث النخل .

قال تعالى : ( فهل ترى لهم من باقية ( 8 ) ) .

و ( باقية ) : نعت ؛ أي حالة باقية . وقيل : هو بمعنى بقية .

قال تعالى : ( وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة ( 9 ) ) .

و ( من قبله ) : أي من تقدمه بالكفر ، و ( من قبله ) : أي من عنده وفي جملته .

و ( بالخاطئة ) أي جاءوا بالفعلة ذات الخطأ على النسب ، مثل تامر ، ولابن .

قال تعالى : ( لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( وتعيها ) : هو معطوف ؛ أي ولتعيها . ومن سكن العين فر من الكسرة ، مثل فخذ .

قال تعالى : ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ( 13 ) ) .

( واحدة ) : توكيد ؛ لأن النفخة لا تكون إلا واحدة .

قال تعالى : ( وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة ( 24 ) فيومئذ وقعت الواقعة ( 25 ) وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ( 26 ) ) .

( وحملت الأرض ) : بالتخفيف . وقرئ مشددا ؛ أي حملت الأهوال .

[ ص: 465 ] و ( يومئذ ) : ظرف لـ " وقعت " و ( يومئذ ) : ظرف لـ " واهية " .

قال تعالى : ( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه ( 19 ) إني ظننت أني ملاق حسابيه ( 20 ) فهو في عيشة راضية ( 21 ) ) .

و ( هاؤم ) : اسم للفعل بمعنى خذوا . و ( كتابيه ) : منصوب باقرءوا ، لا بـ " هاؤم " ، عند البصريين ، وبهاؤم عند الكوفيين .

و ( راضية ) : على ثلاثة أوجه ؛ أحدها : هي بمعنى مرضية ، مثل دافق بمعنى مدفوق .

والثاني : على النسب ؛ أي ذات رضا ، مثل لابن وتامر .

والثالث : هي على بابها ؛ وكأن العيشة رضيت بمحلها وحصولها في مستحقها ، أو أنها لا حال أكمل من حالها ، فهو مجاز .

قال تعالى : ( ما أغنى عني ماليه ( 28 ) ) .

قوله تعالى : ( ما أغنى عني ) : يحتمل النفي والاستفهام ، والهاء في هذه المواضع لبيان الحركة لتتفق رءوس الآي .

قال تعالى : ( ثم الجحيم صلوه ( 31 ) ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ( 32 ) ) .

و ( الجحيم ) : منصوب بفعل محذوف .

و ( ذرعها سبعون ) : صفة لسلسلة ، و " في " تتعلق بـ " اسلكوه " ولم تمنع الفاء من ذلك ، والتقدير : ثم فاسلكوه ، و " ثم " لترتيب الخبر عن المقول قريبا من غير تراخ .

قال تعالى : ( فليس له اليوم هاهنا حميم ( 35 ) ولا طعام إلا من غسلين ( 36 ) ) .

والنون في " غسلين " زائدة ؛ لأنه غسالة أهل النار .

وقيل : التقدير : ليس له حميم إلا من غسلين ولا طعام .

وقيل : الاستثناء من الطعام والشراب ؛ لأن الجميع يطعم ، بدليل قوله تعالى : ( ومن لم يطعمه ) [ البقرة : 249 ] وأما خبر ليس فهو " هاهنا " ، أو " له " وأيهما كان خبرا فالآخر إما حال من حميم أو معمول الخبر ، ولا يكون " اليوم " خبرا ؛ لأنه زمان ، والاسم جثة .

قال تعالى : ( وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ( 41 ) ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ( 42 ) تنزيل من رب العالمين ( 43 ) ) .

[ ص: 466 ] و ( قليلا ) : قد ذكر في الأعراف . و ( تنزيل ) : في يس .

قال تعالى : ( لأخذنا منه باليمين ( 45 ) ) .

و ( باليمين ) : متعلق بأخذنا ، أو حال من الفاعل ، وقيل : من المفعول .

قال تعالى : ( فما منكم من أحد عنه حاجزين ( 47 ) وإنه لتذكرة للمتقين ( 48 ) ) .

قوله تعالى : ( فما منكم من أحد ) : " من " زائدة ، و " أحد " مبتدأ ، وفي الخبر وجهان :

أحدهما : " حاجزين " ، وجمع على معنى أحد ، وجر على لفظ أحد .

وقيل : هو منصوب بما ، ولم يعتد بمنكم فصلا ؛ وأما " منكم " على هذا فحال من أحد . وقيل : تبيين .

والثاني : الخبر " منكم " و " عن " يتعلق بحاجزين . والهاء في " إنه " للقرآن العظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية