الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              131- معاوية بن الحكم السلمي

              ومعاوية بن الحكم السلمي نزل الصفة .

              حدثنا عبد الملك بن الحسن المعدل السقطي ، ثنا أبو بردة الفضل بن محمد الحاسب ، ثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن ، ثنا عمر بن محمد ، ثنا الصلت بن دينار ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن الحكم بن معاوية .

              قال الشيخ رحمه الله : كذا وقع في كتابي الحكم بن معاوية ، وإنما هو معاوية بن الحكم قال : بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة ، فجعل يوجه الرجل من المهاجرين مع الرجل من الأنصار ، والرجلين والثلاثة حتى بقيت في أربعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم خامسنا ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انطلقوا بنا " ، فلما جئنا قال : "يا عائشة عشينا " ، فجاءت بجشيشة فأكلنا ثم قال : "يا عائشة أطعمينا " ، فجاءت بحيسة فأكلنا ، ثم قال : "يا عائشة اسقينا " ، فجاءت بجريعة من لبن فشربنا ، ثم قال : "يا عائشة اسقينا " ، فجاءت بعس من ماء فشربنا ، ثم قال : " من شاء منكم أن ينطلق إلى المسجد فلينطلق ، ومن شاء منكم بات هاهنا " ، قال : فقلنا : بل ننطلق إلى المسجد ، قال : فبينا أنا نائم على بطني إذا برجل يرفسني برجله في جوف الليل ، فرفعت رأسي ، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : قم فإن هذه ضجعة يبغضها الله عز وجل .

              قال الشيخ رحمه الله : رواه الأوزاعي وهشام وشيبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن طخفة ، عن أبيه نحوه .

              [ ص: 34 ] قال الشيخ رحمه الله : وكان يزور أهل الصفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم الأكابر من الأقارب والأشراف ، يتبركون بما خصوا به من الألطاف ، وعصموا به من الإسراف والإتراف .

              وقد حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا جعفر بن سليمان النوفلي ، ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري ، ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : دعا عمر بن الخطاب علي بن أبي طالب فساره ، ثم قام علي فجاء الصفة فوجد العباس وعقيلا والحسين فشاورهم في تزوج أم كلثوم - عمر ، ثم قال علي : أخبرني - عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " .

              قال الشيخ رحمه الله : وكذلك كان أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده يوالون أهل الصفة والفقراء ; يخالطونهم اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واستنانا به ، فممن كان يكثر مجالستهم ومخالطتهم ومجالسة سائر الفقراء في كل وقت ; الحسن بن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن جعفر ، يرون في محبتهم إكمال الدين ، وفي مجالستهم إتمام الشرف مع ما كانوا يرجعون إليه من التشرف برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والانتساب إليه اغتناما لدعائهم ، واقتباسا من أخلاقهم وآدابهم . وكذلك عامة الصحابة كانوا يغتنمون مخالطة الأخيار ، وأدعية الأبرار ، حتى أن بعضهم ليدعو بذلك لأخيه فيما حدثناه أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا جعفر بن سليمان ، قال : سمعت ثابتا البناني يحدث عن أنس بن مالك ، قال : كان بعضنا يدعو لبعض : جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار ، يقومون الليل ويصومون النهار ، ليسوا بأثمة ولا فجار .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا جعفر بن سليمان ، ثنا بسطام بن مسلم ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، قال : قال لي : يا بني إذا كنت في قوم يذكرون الله تعالى فبدت لك حاجة فسلم عليهم حين تقوم فإنك لا تزال لهم شريكا ما داموا جلوسا .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية