الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب في قلة الكلام

                                                                                                          2319 حدثنا هناد حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو حدثني أبي عن جدي قال سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه قال وفي الباب عن أم حبيبة قال هذا حديث حسن صحيح وهكذا رواه غير واحد عن محمد بن عمرو نحو هذا قالوا عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن بلال بن الحارث وروى هذا الحديث مالك عن محمد بن عمرو عن أبيه عن بلال بن الحارث ولم يذكر فيه عن جده

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا عبدة ) هو ابن سليمان ( حدثني أبي ) هو عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني ، مقبول من السادسة ( عن جدي ) هو علقمة بن وقاص بتشديد القاف الليثي المدني ، ثقة ثبت من الثانية ، أخطأ من زعم أن له صحبة وقيل إنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومات في خلافة عبد الملك .

                                                                                                          قوله : ( ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ) بكسر الراء أي مما يرضيه ويحبه ( ما يظن أن تبلغ ) أي لا يعلم أن تبلغ تلك الكلمة ( ما بلغت ) من رضا الله بها عنه والجملة حال ، وفي المشكاة : أن الرجل ليتكلم بالكلمة من الخير ما يعلم مبلغها ، قال القاري أي قدر تلك الكلمة ومرتبتها [ ص: 502 ] ( فيكتب الله له ) أي لأحدكم المتكلم بالكلمة المذكورة ( بها ) أي بتلك الكلمة ( رضوانه ) أي رضاه ( إلى يوم يلقاه ) ، وفي الجامع الصغير إلى يوم القيامة ( فيكتب الله عليه بها سخطه ) أي غضبه ، قال ابن عيينة : هي الكلمة عند السلطان فالأولى ليرده بها عن ظلم ، والثانية ليجره بها إلى ظلم ، وقال ابن عبد البر : لا أعلم خلافا في تفسيرها بذلك نقله السيوطي ، قال الطيبي : فإن قلت : ما معنى قوله يكتب الله له بها رضوانه وما فائدة التوقيت إلى يوم يلقاه ؟ قلت : معنى كتبه رضوان الله ؛ توفيقه لما يرضي الله تعالى من الطاعات والمسارعة إلى الخيرات ليعيش في الدنيا حميدا ، وفي البرزخ يصان من عذاب القبر ويفسح له قبره ، ويقال له نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، ويحشر يوم القيامة سعيدا ويظله الله تعالى في ظله ، ثم يلقى بعد ذلك من الكرامة والنعيم المقيم ، ثم يفوز بلقاء الله ما كل ذلك دونه وفي عكسه قوله يكتب الله عليه بها سخطه ، ونظيره قوله تعالى لإبليس : إن عليك لعنتي إلى يوم الدين كذا في المرقاة .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أم حبيبة ) أخرجه الترمذي في باب حفظ اللسان .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه والبغوي في شرح السنة وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد ، قال في تهذيب التهذيب في ترجمة عمرو بن علقمة : روي عن أبيه عن بلال بن الحارث حديث : إن الرجل ليتكلم بالكلمة الحديث ، وعنه ابنه محمد ذكره ابن حبان في الثقات أخرجوا له الحديث المذكور صححه الترمذي ، قلت : وكذا صححه ابن حبان وصحح له ابن خزيمة حديثا آخر من روايته عن أبيه أيضا انتهى .

                                                                                                          [ ص: 503 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية