الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة الحشر .

بسم الله الرحمن الرحيم .

قال تعالى : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار ( 2 ) ) .

قوله تعالى : ( مانعتهم ) : هو خبر أن ، و " حصونهم " : مرفوع به .

وقيل : هو خبر مقدم .

[ ص: 447 ] قوله تعالى : ( يخربون ) : يجوز أن يكون حالا ، وأن يكون تفسيرا للرعب ؛ فلا يكون له موضع .

قال تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ( 5 ) ) .

اللينة : عينها واو ؛ لأنها من اللون ، قلبت لسكونها وانكسار ما قبلها .

قال تعالى : ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير ( 6 ) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ( 7 ) ) .

قوله تعالى : ( من خيل ) : من زائدة .

و " الدولة " بالضم في المال ، وبالفتح في النصرة ، وقيل : هما لغتان .

قال تعالى : ( للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ( 8 ) ) .

قوله تعالى : ( للفقراء ) : قيل : هو بدل من قوله تعالى : ( ولذي القربى ) [ الحشر : 7 ] .

وما بعده . وقيل : التقدير : اعجبوا .

و ( يبتغون ) : حال .

قال تعالى : ( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ( 9 ) ) .

( والذين تبوءوا ) : قيل : هو معطوف على " المهاجرين " فـ " يحبون " على هذا : حال .

وقيل : هو مبتدأ و " يحبون " الخبر .

[ ص: 448 ] قوله تعالى : ( والإيمان ) : قيل : المعنى : وأخلصوا الإيمان . وقيل : التقدير : ودار الإيمان

وقيل : المعنى تبوءوا الإيمان ؛ أي جعلوه ملجأ لهم .

قوله تعالى : ( حاجة ) : أي مس حاجة .

قال تعالى : ( لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( لا ينصرونهم ) : لما كان الشرط ماضيا جاز ترك جزم الجواب .

قال تعالى : ( لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ( 14 ) ) .

والجدار : واحد في معنى الجمع .

وقد قرئ " من وراء جدر " وجدر على الجمع .

قال تعالى : ( كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ( 15 ) ) .

قوله تعالى : ( كمثل ) : أي مثلهم كمثل .

و ( قريبا ) أي استقروا من قبلهم زمنا قريبا ، أو ذاقوا وبال أمرهم قريبا ؛ أي عن قريب .

قال تعالى : ( فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين ( 17 ) ) .

قوله تعالى : ( فكان عاقبتهما ) : يقرأ بالنصب على الخبر .

و ( أنهما في النار ) الاسم . ويقرأ بالعكس . و ( خالدين فيها ) : حال ، وحسن لما كرر اللفظ .

ويقرأ " خالدان " على أنه خبر " أن " .

قال تعالى : ( هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ( 24 ) ) .

[ ص: 449 ] قوله تعالى : ( المصور ) : بكسر الواو ، ورفع الراء ، على أنه صفة ، وبفتحها على أنه مفعول " البارئ " عز وجل ، وبالجر على التشبيه بالحسن الوجه على الإضافة . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية