الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فصل ) يذكر فيه حكم إزالة النجاسة وما يتعلق بها مما يعفى عنه منها وما لا يعفى عنه وغير ذلك وإنما قدم بيان حكم طهارة الخبث على الكلام على طهارة الحدث لقلة الكلام عليها فقال ( هل إزالة النجاسة ) الغير المعفو عنها ( عن ثوب مصل ) يعني محموله فيشمل الحجر والحشيش [ ص: 66 ] والحبل المحمول له إذا لم يكن الثوب طرف عمامته بل ( ولو ) كان ( طرف عمامته ) الملقى بالأرض تحرك بحركته أو لا وشمل المصلي الصبي ويتعلق الخطاب بوليه فيأمره بذلك ولا يقال : الطهارة من باب خطاب الوضع فالمخاطب الصبي لأنا نقول هي من حيث تعلق الأمر بإزالتها مكلف بها فالخطاب بها خطاب تكليف فيخاطب بها الولي وإن كانت من حيث إنها شرط خطاب وضع ( و ) عن ( بدنه ) الظاهر وما في حكمه كداخل أنفه وفمه وأذنه وعينه ، وإن كانت هذه الأربعة في طهارة الحدث [ ص: 67 ] من الباطن

التالي السابق


( فصل في إزالة النجاسة ) درس ( قوله : حكم طهارة الخبث ) أي الحاصلة بإزالة النجاسة ( قوله : على طهارة الحدث ) أي الحاصلة بالوضوء والغسل ( قوله : الغير المعفو عنها ) إنما قيد بذلك لأنها هي التي في غسلها الخلاف الذي ذكره بالوجوب والسنية وأما المعفو عنها فغسلها مندوب إن تفاحشت وإلا فلا ( قوله : عن ثوب مصل ) أي مريد الصلاة لا المصلي بالفعل ; لأنه يقتضي أنه لا يطلب بالإزالة إلا إذا شرع فيها بالفعل وهو باطل أما لو كان غير مريد للصلاة وكان بجسده نجاسة ، فإن كان مريد الطواف أو مس مصحف ، وكانت النجاسة في عضو من أعضاء وضوئه وجبت الإزالة لأجل صحة الوضوء المتوقف عليها صحة الطواف وجواز مس المصحف وإن كانت في غير أعضاء الوضوء وجبت الإزالة في الطواف وندبت في مس المصحف بناء على المعتمد من أن التضمخ بالنجاسة مكروه كما أنه لو كان غير مريد للطواف ولا لمس المصحف ولا صلاة ، فإنها تندب الإزالة فقط كانت في أعضاء الوضوء أم لا بناء على المعتمد المتقدم ( قوله : يعني ) أي بثوبه محموله وأشار بهذا إلى أن المراد بالثوب محمول المصلي لا خصوص ما يسلك في العنق وإلا لما صحت المبالغة على طرف العمامة ، وإطلاق الثوب على المحمول مجاز مرسل من إطلاق اسم الملزوم وإرادة اللازم ، أو إطلاق الخاص وإرادة العام وليس من محموله رسن الدابة الحاملة للنجاسة أو المتنجسة إذا جعله في وسطه فأولى تحت قدمه ; لأن الحمل ينسب للدابة فلا تبطل صلاته ما لم تكن [ ص: 66 ] النجاسة في وسط الحبل الذي في وسطه وإلا بطلت بخلاف حبل السفينة الحاملة للنجاسة إذا جعله في وسطه ، فإنها تبطل ; لأن الحمل ينسب إليه لعدم حياتها .

وأما إذا جعله تحت قدمه فلا يضر ; لأنه كطرف الحصير قال في المج : ولعل البطلان في حبل السفينة الذي جعله في الوسط مقيد بما إذا كانت السفينة صغيرة يمكنه تحريكها وإن لم تتحرك بالفعل أي وإلا فلا بطلان تأمل ولو كانت الخيمة مضروبة على الأرض وهي متنجسة وصلى شخص داخلها ولاصق سقف الخيمة رأس المصلي ، فإنه تبطل صلاته ; لأنه يعد حاملا لها عرفا فهي كالعمامة لا كالبيت كما نقله البرزلي عن شيخه ابن عرفة ( قوله : والحبل ) أي والسيف والخف وغير ذلك ( قوله : ولو كان ) أي الثوب بمعنى محموله طرف عمامته أو طرف ردائه الملقى بالأرض ورد بلو على ما نقله عبد الحق في النكت أن طرف العمامة الملقى بالأرض لا تجب إزالة النجاسة عنه وهو مقيد بما إذا لم يتحرك بحركته أما إن تحرك بحركته فكالثوب اتفاقا كما يفيده كلام ابن الحاجب وابن ناجي في شرح المدونة وابن عات لكن نقل ح عن عبد الوهاب ما يقتضي إطلاق الخلاف وهو ظاهر المصنف ولذا قال الشارح تحرك بحركته أم لا انظر بن فلو كان الوسط على الأرض نجسا وأخذ كل طرفا بطلت عليهما على الظاهر ونظر فيه عبق عند قوله وسقوطها في صلاة مبطل انظر المج

( قوله : من باب خطاب الوضع ) أي وهو خطاب الله المتعلق بجعل الشيء سببا أو شرطا أو مانعا كجعل الطهارة شرطا في صحة الصلاة وجعل الحدث مانعا من صحتها وجعل ملك النصاب سببا في وجوب الزكاة .

وأما خطاب التكليف فهو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالطلب أو الإباحة وقوله من باب خطاب الوضع أي من أفراد متعلق خطاب الوضع ( قوله : هي من حيث تعلق الأمر بإزالتها ) الضمير راجع للطهارة وكان الأولى أن يقول هي من حيث تعلق الأمر بها ويحذف إزالتها ; لأن الطهارة لم يتعلق الأمر بإزالتها بل بتحصيلها فتأمل ( قوله : فالخطاب بها خطاب تكليف فيخاطب بها الولي ) هذا مبني على أن أقسام الحكم الشرعي الخمسة كلها مشروطة بالبلوغ كما اختاره المحلي وغيره وهو خلاف الصحيح عندنا إذ الصحيح كما ذكره ح فيما يأتي أن المخاطب بالصلاة هو الصغير كما صححه ابن رشد في البيان والمقدمات والقرافي والمقري في قواعده وأن البلوغ إنما هو شرط في التكليف بالوجوب والحرمة لا في الخطاب بالندب والكراهة فكذلك إزالة النجاسة المخاطب بها الصغير لا وليه لكن ليس مخاطبا بها على سبيل الوجوب أو السنية كخطاب البالغ المذكور هنا بل على سبيل الندب فقط وحينئذ فلا يدخل في كلام المصنف بل يقصر كلامه على البالغ فقط إلا أن يقال : المراد بالواجب هنا ما تتوقف صحة العبادة عليه كما في ح لا ما يأثم بتركه وبهذا يصح دخوله في كلام المصنف ا هـ بن ( قوله : خطاب وضع ) أي فالخطاب بها خطاب وضع وحينئذ فيخاطب بها الصبي لا الولي ( قوله : كداخل أنفه إلخ ) فمن اكتحل بمرارة خنزير غسل داخل عينيه إن لم يخش ضررا بالغسل وإلا كانت معجوزا عنها لم [ ص: 67 ] يطالب بإزالتها وإن نزل دم من أسنانه غسل داخل فمه وكذا يغسل ما قدر عليه من صماخيه إذا دخل فيهما نجاسة ولا يكفي غلبة الريق والدمع بل لا بد من المطلق وأدخل بالكاف باطن الجسد كالمعدة بالنسبة لما أدخله فيها من النجاسة ولذا قال : ولو أكل أو شرب .

وأما ما لم يدخله وتولد فيها فلا حكم له إلا بعد انفصاله ( قوله : من الباطن ) أي ولذا كانت المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين في الوضوء والغسل سنة لا واجبا ولم يجعلوا داخل الأذن والأنف والفم من الظاهر في طهارة الحدث للمشقة بتكرره




الخدمات العلمية