الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      [ ص: 71 ] فصل في آداب يشترك فيها العالم والمتعلم ينبغي لكل واحد منهما أن لا يخل بوظيفته لعروض مرض خفيف ونحوه ، مما يمكن معه الاشتغال ، ويستشفي بالعلم ، ولا يسأل أحدا تعنتا وتعجيزا ، فالسائل تعنتا وتعجيزا لا يستحق جوابا ، وفي حديث النهي عن غلوطات المسائل . وأن يعتني بتحصيل الكتب شراء واستعارة ، ولا يشتغل بنسخها إن حصلت بالشراء ; لأن الاشتغال أهم إلا أن يتعذر الشراء ; لعدم الثمن ; أو لعدم الكتاب مع نفاسته فيستنسخه وإلا فلينسخه ولا يهتم بتحسين الخط بل بتصحيحه ، ولا يرتضي الاستعارة ، مع إمكان تحصيله ملكا فإن استعاره لم يبطئ به ; لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه ; ولئلا يكسل عن تحصيل الفائدة منه ، ولئلا يمتنع عن إعارته غيره . وقد جاء في ذم الإبطاء برد الكتب المستعارة عن السلف أشياء كثيرة نثرا ونظما ، ورويناها في كتاب الخطيب ( الجامع لأخلاق الراوي والسامع ) منها عن الزهري : إياك وغلول الكتب وهو حبسها عن أصحابها ، وعن الفضيل : ليس من أفعال أهل الورع ولا من أفعال الحكماء أن يأخذ سماع رجل وكتابه ، فيحبسه عنه ، ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه . وقال الخطيب : وبسبب حبسها امتنع غير واحد من إعارتها ، ثم روى ذلك جملا عن السلف وأنشد فيه أشياء كثيرة . والمختار استحباب الإعارة لمن لا ضرر عليه في ذلك ; لأنه إعانة على العلم مع ما في مطلق العارية من الفضل ، وروينا عن وكيع : أول بركة الحديث إعارة الكتب . وعن سفيان الثوري : من بخل بالعلم ابتلي بإحدى ثلاث : أن ينساه ، أو يموت ولا ينتفع به ، أو تذهب كتبه . وقال رجل لأبي العتاهية : أعرني كتابك ، قال : ؟ إني أكره ذلك ، فقال : أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره ، فأعاره . ويستحب شكر المعير لإحسانه .

                                      فهذه نبذة من آداب المعلم والمتعلم ، وهي إن كانت طويلة بالنسبة إلى هذا الكتاب فهي مختصرة بالنسبة إلى ما جاء فيها ، وإنما قصدت بإيرادها أن يكون جامعا لكل ما يحتاج إليه طالب العلم وبالله التوفيق .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية