الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 790 ] النوع الثالث والخمسون :

        المؤتلف والمختلف : هو فن جليل يقبح جهله بأهل العلم ، لا سيما أهل الحديث ، ومن لم يعرفه يكثر خطؤه ، وهو ما يتفق في الخط دون اللفظ ، وفيه مصنفات أحسنها وأكملها " الإكمال " لابن ماكولا ، وأتمه ابن نقطة . وهو منتشر لا ضابط في أكثره وما ضبط قسمان :

        أحدهما : على العموم ، كسلام كله مشدد إلا خمسة : والد عبد الله بن سلام ، ومحمد بن سلام البخاري ، الصحيح تخفيفه . وقيل : " مشدد " وسلام بن محمد بن ناهض ، وسماه الطبراني سلامة ، وجد محمد بن عبد الوهاب بن سلام المعتزلي الجبائي ، قال المبرد : ليس في كلام العرب سلام مخفف إلا والد عبد الله بن سلام الصحابي ، وسلام بن أبي الحقيق ، قال وزاد آخرون سلام بن مشكم ، خمار في الجاهلية ، والمعروف تشديده .

        " عمارة " ليس فيهم بكسر العين إلا أبي بن عمارة الصحابي ، ومنهم من ضمه ، ومن عداه جمهورهم بالضم ، وفيهم جماعة بالفتح وتشديد الميم .

        " كريز " بالفتح في خزاعة وبالضم في عبد شمس وغيرهم . " حزام " بالزاي في قريش وبالراء في الأنصار . " العيشيون " بالمعجمة بصريون وبالمهملة مع الموحدة كوفيون ومع النون شاميون غالبا . " أبو عبيدة " كله بالضم . " السفر " بفتح الفاء كنية وبإسكانها في الباقي . " عسل " بكسر ثم إسكان إلا عسل بن ذكوان الأخباري بفتحهما . " غنام " كله بالمعجمة والنون إلا والد علي بن عثام فبالمهملة والمثلثة . " قمير " كله مضموم إلا امرأة مسروق فبالفتح . " مسور " كله مكسور مخفف الواو إلا ابن يزيد الصحابي ، وابن عبد الملك اليربوعي فبالضم والتشديد . " الجمال " كله بالجيم في الصفات إلا هارون بن عبد الله الحمال فبالحاء ، وجاء في الأسماء أبيض بن حمال ، وحمال بن مالك بالحاء وغيرهما . " الهمداني " بالإسكان والمهملة في المتقدمين أكثر وبالفتح والمعجمة في المتأخرين أكثر . عيسى بن أبي عيسى " الحناط " بالمهملة والنون وبالمعجمة مع الموحدة ومع المثناة من تحت ، كلها جائزة ، وأولها أشهر ، ومثله " مسلم الخياط " فيه الثلاثة .

        التالي السابق


        ( النوع الثالث والخمسون : المؤتلف والمختلف ) من الأسماء والألقاب والأنساب ونحوها ( هو فن جليل يقبح جهله بأهل العلم ، لا سيما أهل الحديث ، ومن لم يعرفه يكثر خطؤه ) ، ويفضح بين أهله .

        ( وهو ما يتفق في الخط دون اللفظ ، وفيه مصنفات ) لجماعة من الحفاظ ، وأول من صنف فيه عبد الغني بن سعيد ، ثم شيخه الدارقطني وتلاهما الناس ، ولكن ( أحسنها وأكملها : الإكمال ، لابن ماكولا ) .

        قال ابن الصلاح : على إعواز فيه .

        [ ص: 791 ] قال المصنف ( وأتمه ) الحافظ أبو بكر ( بن نقطة ) بذيل مفيد ، ثم ذيل على ابن نقطة الحافظ جمال الدين بن الصابوني ، والحافظ منصور بن سليم ، ثم ذيل عليهما الحافظ علاء الدين بن مغلطاي ، بذيل كبير ، وجمع فيه الحافظ أبو عبد الله الذهبي مجلدا ، سماه : " مشتبه النسبة " ، فأجحف في الاختصار ، واعتمد على ضبط القلم ، فجاء شيخ الإسلام أبو الفضل بن حجر فألف " تبصير المنتبه بتحرير المشتبه " ، فضمنه وحرره وضبطه بالحروف ، واستدرك ما فاته في مجلد ضخم ، وهو أجل كتب هذا النوع وأتمها .

        ( وهو ) أي هذا النوع ( منتشر ، لا ضابط في أكثره ) ، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلا ، ( وما ضبط ) منه ( قسمان ) :

        ( أحدهما : على العموم ) من غير اختصاص بكتاب ( كسلام ، كله مشدد ، إلا خمسة :

        والد عبد الله بن سلام ) الإسرائيلي الصحابي .

        ( ومحمد بن سلام ) بن الفرج البيكندي ( شيخ البخاري ، الصحيح تخفيفه ) كما روي عنه ، ولم يحك الخطيب وابن ماكولا والدارقطني وغنجار غيره .

        [ ص: 792 ] ( وقيل : ) هو ( مشدد ) حكاه صاحب المطالع ، وجزم به ابن أبي حاتم وأبو علي الجياني .

        قال ابن الصلاح : والأول أثبت .

        قال العراقي : وكأن من شدد التبس عليه بشخص آخر عليه يسمى محمد بن سلام بن السكن البيكندي الصغير ، فإنه بالتشديد .

        ( وسلام بن محمد بن ناهض ) المقدسي ( وسماه الطبراني سلامة ) بزيادة هاء .

        ( وجد محمد بن عبد الوهاب بن سلام المعتزلي الجبائي ، قال المبرد ) في كامله : ( ليس في كلام العرب سلام مخفف إلا والد عبد الله بن سلام الصحابي ، وسلام بن أبي الحقيق .

        قال : وزاد آخرون : سلام بن مشكم ) بتثليث الميم ، فيما حكي ( خمار ) كان ( في الجاهلية ، والمعروف تشديده ) .

        [ ص: 793 ] قال شيخ الإسلام ، ويؤيد التخفيف قول أبي سفيان بن حرب يمدحه :


        سقاني فرواني كميتا مدامة على ظمأ مني سلام بن مشكم

        قال العراقي : وبقي أيضا سلام ابن أخت عبد الله بن سلام ، صحابي عده ابن فتحون .

        وسعد بن جعفر بن سلام السيدي ، روى عن ابن البطي ، ذكره ابن نقطة .

        ومحمد يعقوب بن إسحاق بن محمد بن سلام النسفي ، روى عن زاهر بن أحمد ذكره الذهبي .

        وأما سلمة بن سلام أخو عبد الله بن سلام ، فلا يعد رابعا لأن أباهما ذكر .

        ( عمارة ، ليس فيهم بكسر العين إلا أبي بن عمارة الصحابي ) ممن صلى للقبلتين ، حديثه عند أبي داود والحاكم .

        ( ومنهم من ضمه ) ، ومنهم من قال فيه : ابن عبادة .

        وقال أبو حاتم : صوابه أبو أبي .

        [ ص: 794 ] ( ومن عداه جمهورهم بالضم ) ذكر الجمهور زيادة من المصنف عن ابن الصلاح ، لأنه عمم الضم .

        فاعترض عليه بما زاده المصنف أيضا في قوله : ( وفيهم جماعة بالفتح وتشديد الميم ) .

        فمن الرجال : عمارة ، أحد أجداد ثعلبة والد يزيد وعبد الله وبحاث .

        وأحد أجداد عبد الله بن زياد البلوي .

        وجد عبد الله بن مدرك بن القمقام وغيرهم .

        ومن النساء عمارة بنت عبد الوهاب الحمصية .

        وعمارة بنت نافع بن عمر الجمحي وغيرهما .

        ( كريز ، بالفتح ) وكسر الراء مكبرا ( في خزاعة ، وبالضم ) مصغرا ( في عبد شمس وغيرهم ) ، خلافا لما حكاه الجياني عن محمد بن وضاح ، من تخصيصه بهم

        قال ابن الصلاح : ولا يستدرك في المفتوح بأيوب بن كريز الراوي عن عبد الله بن غنم ، لكون عبد الغني ذكره بالفتح ، لأنه بالضم ، كذا ذكره الدارقطني وغيره .

        [ ص: 795 ] ( حزام ، بالزاي ) والحاء المهملة المكسورة ( في قريش ، وبالراء ) وفتح الحاء ( في الأنصار ) .

        قال العراقي : قد يتوهم من هذا أنه لا يقع الأول إلا في قريش ، ولا الثاني إلا في الأنصار ، وليس مرادا ، بل المراد أن ما وقع من ذلك في قريش يكون بالزاي ، وفي الأنصار يكون بالراء ، وقد ورد الأمران في عدة قبائل غيرهما ، فوقع بالزاي في خزاعة ، وبني عامر بن صعصعة وغيرهما ، وبالراء في بلى ، وخثعم ، وجذام ، وتميم بن مر ، وفي خزاعة أيضا ، وفي عذرة ، وبني فزارة ، وهذيل ، وغيرهم ، كما بينه ابن ماكولا وغيره .

        ( العيشيون ، بالمعجمة ) قبلها تحتية ، وأوله عين مهملة ( بصريون ) منهم : عبد الرحمن بن المبارك .

        ( وبالمهملة مع الموحدة ، كوفيون ) منهم : عبيد الله بن موسى .

        ( و ) بالمهملة ( مع النون ، شاميون ) منهم : عمير بن هانئ ، وبلال بن سعد التابعيان ، قال ذلك الخطيب والحاكم ، وزاد ، وبالقاف أوله وبالمهملة بطن من تميم .

        وقال المصنف كابن الصلاح ( غالبا ) فإن عمار بن ياسر عنسي ، مع أنه [ ص: 796 ] معدود في أهل الكوفة .

        وعبارة ابن ماكولا والسمعاني : وعظم عنس في الشام ، وعامة العيش في البصرة .

        ( أبو عبيدة ) بالهاء ( كلهم بالضم ) .

        قال الدارقطني : لا نعلم أحدا يكنى أبا عبيدة بالفتح .

        ( السفر ، بفتح الفاء كنية ، وبإسكانها في الباقي ) أي الأسماء .

        قال ابن الصلاح : ومن المغاربة من سكن الفاء من أبي السفر سعيد بن محمد ، وذلك خلاف ما يقوله أهل الحديث .

        قال العراقي : ولهم في الأسماء والكنى سقر ، بسكون القاف ، وقد يرد ذلك على إطلاقه ولهم أيضا شقر : بفتح المعجمة والقاف .

        ولم يظهر لي وجه الإيراد .

        ( عسل ) كله ( بكسر ) العين ( ثم إسكان ) السين المهملة ( إلا عسل بن ذكوان الأخباري ) البصري ( بفتحهما ) ذكره الدارقطني وغيره .

        قال ابن الصلاح : [ ص: 797 ] ووجدته بخط أبي منصور الأزهري بالكسر والإسكان ، ولا أراه ضبطه .

        ( غنام ، كله بالمعجمة ) المفتوحة ، ( والنون ) المشددة ، ( إلا والد علي بن عثام ) بن علي العامري الكوفي ( فبالمهملة والمثلثة ) وحفيده أيضا .

        ( قمير ، كله مضموم ) مصغر ( إلا امرأة مسروق ) بن الأجدع ( فبالفتح ) وكسر الميم ، بنت عمرو .

        ( مسور ، كله مكسور ) الميم ، ساكن السين ( مخفف الواو ) المفتوحة ( إلا ابن يزيد الصحابي ، وابن عبد الملك اليربوعي ، فبالضم والتشديد ) للواو المفتوحة .

        قال العراقي : لم يذكر ابن ماكولا بالتشديد إلا ابن يزيد فقط ، ولم يستدركه ابن نقطة ولا من ذيل عليه ، وذكر البخاري في " التاريخ الكبير " ابن عبد الملك في باب مسور بن مخرمة ، وهذا يدل على أنه عنده مخفف ، وذكر مع ابن يزيد مسور بن مرزوق ، وهو يدل على أنه عنده بالتشديد .

        ( الجمال ، كله بالجيم في الصفات ) منهم : محمد بن مهران الجمال شيخ الشيخين ( إلا هارون بن عبد الله الحمال فبالحاء ) كان بزازا فلما تزهد حمل .

        [ ص: 798 ] وحكى ابن الجارود عن ابنه موسى الحافظ أنه كان حمالا فتحول إلى البز .

        وقال الخليلي وابن الفلكي : لقب به لكثرة ما حمل من العلم .

        قال ابن الصلاح : ولا أراه يصح .

        واستدرك العراقي على هذا الحصر بنان بن محمد الحمال الزاهد ، سمع من يونس بن عبد الأعلى وغيره ، ورافع بن نصر الحمال ، سمع من أبي عمر بن محمد ، وأحمد بن محمد الحمال ، أحد شيوخ أبي النرسي .

        قال المصنف زيادة على ابن الصلاح لبيان ما احترز عنه بقوله في الصفات : ( وجاء في الأسماء أبيض بن حمال ) المازني السبائي ، صحابي ، عداده في أهل اليمن ، حديثه في السنن .

        ( وحمال بن مالك ) الأسدي شهد القادسية ( بالحاء وغيرهما .

        الهمداني ، بالإسكان ) في الميم ( والمهملة ) بعدها ، نسبة إلى قبيلة همدان ( في المتقدمين أكثر ) منه في المتأخرين منه .

        فيهم أبو العباس بن عقدة ، وجعفر بن علي الهمداني من أصحاب السلفي .

        ( وبالفتح والمعجمة ) نسبة إلى البلد ، ( في المتأخرين أكثر ) منه في المتقدمين .

        [ ص: 799 ] قال الذهبي : الصحابة ، والتابعون ، وتابعوهم من القبيلة ، وأكثر المتأخرين من المدينة . ولا يمكن استيعاب هؤلاء ولا هؤلاء .

        وسيأتي أنه لم يقع في الصحيحين والموطأ من الثاني شيء .

        ( عيسى بن أبي عيسى ) ميسرة الغفاري أبو موسى ( الحناط ، بالمهملة ، والنون ) نسبة إلى بيع ‌‌الحنطة .

        ( وبالمعجمة مع الموحدة ) نسبة إلى بيع الخبط الذي تأكله الإبل .

        ( و ) بالمعجمة ( مع المثناة من تحت ) نسبة إلى الخياطة ( كلها جائزة ) فيه لأنه باشر الثلاثة .

        قال ابن سعد : كان يقول : أنا حناط وخياط وخباط ، كلا قد عالجته .

        ( وأولها أشهر ، ومثله ، مسلم ) بن أبي مسلم ( الخياط ، وفيه الثلاثة ) ولكن الثاني أشهر فيه ، ومثل هذا يؤمن فيه الغلط ، ويكون اللافظ فيه مصيبا كيف نطق .




        الخدمات العلمية