الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف

                                                                                                          2210 حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي حدثنا الفرج بن فضالة أبو فضالة الشامي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو بن علي عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء فقيل وما هن يا رسول الله قال إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وأطاع الرجل زوجته وعق أمه وبر صديقه وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وشربت الخمور ولبس الحرير واتخذت القينات والمعازف ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أو خسفا ومسخا قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي بن أبي طالب إلا من هذا الوجه ولا نعلم أحدا رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه وقد رواه عنه وكيع وغير واحد من الأئمة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا الفرج أبو فضالة الشامي ) التنوخي ضعيف من الثامنة ( عن [ ص: 377 ] محمد بن عمر بن علي ) قال في التقريب : محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، صدوق من السادسة وروايته عن جده مرسلة .

                                                                                                          قوله : ( خصلة ) بالفتح أي خلة ( حل ) أي نزل أو وجب ( إذا كان المغنم ) أي الغنيمة ( دولا ) بكسر الدال وفتح الواو ويضم أوله جمع دولة بالضم والفتح وهو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم ، قال التوربشتي : أي إذا كان الأغنياء وأصحاب المناصب يستأثرون بحقوق الفقراء أو يكون المراد منه أن أموال الفيء تؤخذ غلبة وأثرة صنيع أهل الجاهلية وذوي العدوان ( والأمانة مغنما ) أي بأن يذهب الناس بودائع بعضهم وأماناتهم ، فيتخذونها كالمغانم يغنمونها ( والزكاة مغرما ) أي بأن يشق عليهم أداؤها بحيث يعدون إخراجها غرامة ( وأطاع الرجل زوجته ) أي فيما تأمره وتهواه مخالفا لأمر الله ( وعق أمه ) أي خالفها فيما تأمره وتنهاه ( وبر صديقه ) أي أحسن إليه وأدناه وحباه ( وجفا أباه ) أي أبعده وأقصاه ، وفي حديث أبي هريرة الآتي : وأدنى صديقه وأقصى أباه ، قال ابن الملك : خص عقوق الأم بالذكر وإن كان عقوق كل واحد من الأبوين معدودا من الكبائر لتأكد حقها ، أو لكون قوله : وأقصى أباه بمنزلة وعق أباه فيكون عقوقهما مذكورا ( وارتفعت الأصوات ) أي علت أصوات الناس ( في المساجد ) بنحو الخصومات والمبايعات واللهو واللعب ، قال القاري : وهذا مما كثر في هذا الزمان ، وقد نص بعض علمائنا يعني العلماء الحنفية ، بأن رفع الصوت في المسجد ولو بالذكر حرام انتهى .

                                                                                                          ( وكان زعيم القوم ) أي المتكفل بأمرهم ، قال في القاموس : الزعيم الكفيل وسيد القوم ورئيسهم والمتكلم عنهم ، انتهى ، ( أرذلهم ) في القاموس : الرذل والرذال والرذيل والأرذال .

                                                                                                          الدون الخسيس أو الرديء من كل شيء ( وأكرم الرجل ) بالبناء للمفعول أي عظم الناس الإنسان ( مخافة شره ) أي خشية من تعدي شره إليهم ( وشربت ) بصيغة المجهول ( الخمور ) جميعها لاختلاف أنواعها ، إذ كل مسكر خمر أي أكثر الناس من شربها أو تجاهروا به ( ولبس الحرير ) أي لبسه الرجال بلا ضرورة ( واتخذت القيان ) أي الإماء المغنيات جمع القينة ( والمعازف ) بفتح الميم وكسر الزاي وهي الدفوف وغيرها مما يضرب كذا [ ص: 378 ] في النهاية ، وقال في القاموس : المعازف الملاهي كالعود والطنبور ، الواحد عزف أو معزف كمنبر ومكنسة انتهى ، ( ولعن آخر هذه الأمة أولها ) أي اشتغل الخلف بالطعن في السلف الصالحين والأئمة المهديين ، قال الطيبي أي طعن الخلف في السلف وذكروهم بالسوء ولم يقتدوا بهم في الأعمال الصالحة فكأنه لعنهم ، قال القاري : إذا كانت الحقيقة متحققة فما المحوج إلى العدول عنها إلى المعنى المجازي ؟ وقد كثرت كثرة لا تخفى في العالم ، قال وقد ظهرت طائفة لاعنة ملعونة إما كافرة أو مجنونة ، حيث لم يكتفوا باللعن والطعن في حقهم بل نسبوهم إلى الكفر بمجرد أوهامهم الفاسدة وأفهامهم الكاسدة ، من أن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم أخذوا الخلافة وهي حق علي بغير حق ، والحال أن هذا باطل بالإجماع سلفا وخلفا ولا اعتبار بإنكار المنكرين ، وأي دليل لهم من الكتاب والسنة يكون نصا على خلافة علي انتهى .

                                                                                                          ( فليرتقبوا ) جواب إذا أي فلينتظروا ( عند ذلك ) أي عند وجود ما ذكر ( ريحا حمراء ) أي حدوث هبوب ريح حمراء ( وخسفا ) أي ذهابا في الأرض وغورا بهم فيها ( ومسخا ) أي قلب خلقة من صورة إلى أخرى .

                                                                                                          قوله : ( وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث ، وضعفه من قبل حفظه ) قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمته : قال أبو داود عن أحمد إذا حدث عن شاميين فليس به بأس ولكنه حدث عن يحيى بن سعيد مناكير ، وقال أيضا عنه : يحدث عن ثقات أحاديث مناكير انتهى .

                                                                                                          قلت : وفي الحديث انقطاع; لأن رواية محمد بن عمر بن علي عن جده علي ـ مرسلة كما عرفت .




                                                                                                          الخدمات العلمية