الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
البكاء

[فصل]

في البكاء عند قراءة القرآن

قد تقدم في الفصلين المتقدمين بيان ما يحمل على البكاء في حال القراءة، وهو صفة العارفين، وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا وقد وردت فيه أحاديث كثيرة، وآثار السلف، فمن ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: اقرؤوا القرآن وابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا .

وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه صلى بالجماعة الصبح فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته .

[ ص: 87 ] وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فتدل على تكريره منه.

وفي رواية: أنه بكى حتى سمعوا بكاءه من وراء الصفوف.

وعن أبي رجاء قال: رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع .

وعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون، فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: هكذا كنا .

[ ص: 88 ] وعن هشام قال: ربما سمعت بكاء محمد بن سيرين في الليل وهو في الصلاة.

والآثار في هذا كثيرة، لا يمكن حصرها، وفيما أشرنا إليه ونبهنا عليه كفاية، والله أعلم.

قال الإمام أبو حامد الغزالي : البكاء مستحب مع القراءة وعندها وطريقه في تحصيله أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد، والوعيد الشديد، والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في ذلك، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر الخواص - فليبك على فقد ذلك؛ فإنه من أعظم المصائب.

التالي السابق


الخدمات العلمية