الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب كسب البغي والإماء وكره إبراهيم أجر النائحة والمغنية وقول الله تعالى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم وقال مجاهد فتياتكم إماءكم

                                                                                                                                                                                                        2162 حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن ابن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب كسب البغي والإماء ) بين البغي والإماء خصوص وعموم وجهي ، فقد تكون البغي أمة وقد تكون حرة ، والبغي بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد الياء بوزن فعيل بمعنى فاعلة أو مفعولة ، وهي الزانية ، ولم يصرح المصنف بالحكم كأنه نبه على أن الممنوع كسب الأمة بالفجور لا بالصنائع الجائزة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وكره إبراهيم ) أي : النخعي ( أجر النائحة والمغنية ) وصله ابن أبي شيبة من طريق أبي هاشم عنه وزاد " والكاهن " ، وكأن البخاري أشار بهذا الأثر إلى أن النهي في حديث أبي هريرة محمول على ما كانت الحرفة فيه ممنوعة أو تجر إلى أمر ممنوع شرعا لجامع ما بينهما من ارتكاب المعصية .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقول الله - عز وجل - : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إلى آخر الآية قال مجاهد : فتياتكم : إماءكم ) وقع هذا في رواية المستملي ، وقد روى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال في قوله : ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء قال : لا تكرهوا إماءكم على الزنا ، وأخرجه هو وعبد بن حميد والطبري من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال في قوله : ولا تكرهوا فتياتكم قال : إماءكم على الزنا ، وزاد أن عبد الله بن أبي : " أمر أمة له بالزنا فزنت فجاءت ببرد ، فقال : ارجعي فازني على آخر ، فقالت : والله ما أنا براجعة فنزلت " وهذا أخرجه مسلم من طريق أبي سفيان عن جابر مرفوعا ، وسماها الزهري عن عمرو بن ثابت معاذة ، وكذا أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري مرسلا في قصة طويلة ، وكذا أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة مرسلا واتفقوا على تسميتها معاذة ، وروى أبو داود والنسائي من طريق [ ص: 539 ] أبي الزبير أنه سمع جابرا قال : " جاءت مسيكة أمة لبعض الأنصار فقالت : إن سيدي يكرهني على البغاء فنزلت " فالظاهر أنها نزلت فيهما ، وزعم مقاتل أنهما معا كانتا أمتين لعبد الله بن أبي وزاد معهن غيرهن ، وقوله تعالى : إن أردن تحصنا لا مفهوم له ، بل خرج مخرج الغالب ، ويحتمل أن يقال : لا يتصور الإكراه إذا لم يردن التعفف لأنهن حينئذ في مقام الاختيار ، وقوله : " وقال مجاهد : فتياتكم إماءكم " وقع هذا في رواية المستملي ، وذكره النسفي لكن لم ينسبه لمجاهد ولفظه : " قال : فتياتكم الإماء " وهو في تفسير الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : ولا تكرهوا فتياتكم يقول : إماءكم على البغاء على الزنا . ثم أورد المصنف حديث أبي مسعود في النهي عن مهر البغي وغيره ، وحديث أبي هريرة في النهي عن كسب الإماء ، وقد تقدم في أواخر البيوع وفي الباب الذي قبله من شرحهما ما فيه مزيد كفاية .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية