الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب خراج الحجام

                                                                                                                                                                                                        2158 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب خراج الحجام ) أورد فيه حديث ابن عباس : احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره وزاد من وجه آخر : " ولو علم كراهية لم يعطه " وهو ظاهر في الجواز ، وتقدم في البيوع بلفظ : " ولو كان حراما لم يعطه " وعرف به أن المراد بالكراهة هنا كراهة التحريم . وكأن ابن عباس أشار بذلك إلى الرد على من قال : إن كسب الحجام حرام . واختلف العلماء بعد ذلك في هذه المسألة فذهب الجمهور إلى أنه حلال واحتجوا بهذا الحديث وقالوا : هو كسب فيه دناءة وليس بمحرم ، فحملوا الزجر عنه على التنزيه . ومنهم من ادعى النسخ وأنه كان حراما ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال .

                                                                                                                                                                                                        وذهب أحمد وجماعة إلى الفرق بين الحر والعبد فكرهوا للحر الاحتراف بالحجامة ، ويحرم عليه الإنفاق على نفسه منها ويجوز له الإنفاق على الرقيق والدواب منها وأباحوها للعبد مطلقا ، وعمدتهم حديث محيصة أنه " سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام فنهاه ، فذكر له الحاجة فقال : اعلفه نواضحك " أخرجه مالك وأحمد وأصحاب السنن ورجاله ثقات ، وذكر ابن الجوزي أن أجر الحجام إنما كره ؛ لأنه من الأشياء التي تجب للمسلم على المسلم إعانة له عند الاحتياج له ، فما كان ينبغي له أن يأخذ على ذلك أجرا . وجمع ابن العربي بين قوله - صلى الله عليه وسلم - : " كسب الحجام خبيث " وبين إعطائه الحجام أجرته ، بأن محل الجواز ما إذا كانت الأجرة على عمل معلوم ، ويحمل الزجر على ما إذا كان على عمل مجهول . وفي الحديث إباحة الحجامة ، ويلتحق به ما يتداوى من إخراج الدم وغيره ، وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الطب . وفيه الأجرة على المعالجة بالطب ، والشفاعة إلى أصحاب الحقوق أن يخففوا منها ، وجواز مخارجة السيد لعبده كأن يقول له : أذنت لك أن تكتسب على أن تعطيني كل يوم كذا وما زاد فهو لك . وفيه استعمال العبد بغير إذن سيده الخاص إذا كان قد تضمن تمكينه من العمل إذنه العام .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية