الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الإجارة إلى نصف النهار

                                                                                                                                                                                                        2148 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين فأنتم هم فغضبت اليهود والنصارى فقالوا ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء قال هل نقصتكم من حقكم قالوا لا قال فذلك فضلي أوتيه من أشاء

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب الإجارة إلى نصف النهار ) أي : من أول النهار ، وترجم في الذي بعده " الإجارة إلى صلاة العصر " والتقدير أيضا أن الابتداء من أول النهار . ثم ترجم بعد ذلك " باب الإجارة من العصر إلى الليل " أي : إلى أول دخول الليل ، قيل : أراد البخاري إثبات صحة الإجارة بأجر معلوم إلى أجل معلوم من جهة أن الشارع ضرب المثل بذلك ولولا الجواز ما أقره . ويحتمل أن يكون الغرض من كل ذلك إثبات جواز الاستئجار لقطعة من النهار إذا كانت معينة دفعا لتوهم من يتوهم أن أقل المعلوم أن يكون يوما كاملا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مثلكم ومثل أهل الكتابين ) كذا في رواية أيوب ، والمراد بأهل الكتابين اليهود والنصارى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كمثل رجل ) في السياق حذف تقديره : " مثلكم مع نبيكم ومثل أهل الكتابين مع أنبيائهم كمثل رجل استأجر ، فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم والممثل به الأجراء مع من استأجرهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( على قيراط ) زاد في رواية عبد الله بن دينار : " على قيراط قيراط " وهو المراد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فعملت اليهود ) زاد ابن دينار : " على قيراط قيراط " وزاد الزهري عن سالم عن أبيه كما تقدم في الصلاة : " حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا " وكذا وقع في بقية الأمم ، والمراد بالقيراط النصيب وهو في الأصل نصف دانق والدانق سدس درهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إلى صلاة العصر ) يحتمل أن يريد به أول وقت دخولها ، ويحتمل أن يريد أول حين الشروع فيها ، والثاني يرفع الإشكال السابق في المواقيت على تقدير تسليم أن الوقتين متساويان ، أي : ما بين الظهر والعصر وما بين العصر والمغرب ، فكيف يصح قول النصارى إنهم أكثر عملا من هذه الأمة؟ وقد قدمت [ ص: 522 ] هناك عدة أجوبة عن ذلك فلتراجع من ثم ، ومن الأجوبة التي لم تتقدم أن قائل : " ما لنا أكثر عملا " اليهود خاصة ، ويؤيده ما وقع في التوحيد بلفظ : " فقال أهل التوراة " ويحتمل أن يكون كل من الفريقين قال ذلك ، أما اليهود فلأنهم أطول زمانا فيستلزم أن يكونوا أكثر عملا ، وأما النصارى فلأنهم وازنوا كثرة أتباعهم بكثرة زمن اليهود ؛ لأن النصارى آمنوا بموسى وعيسى جميعا أشار إلى ذلك الإسماعيلي ، ويحتمل أن تكون أكثرية النصارى باعتبار أنهم عملوا إلى آخر صلاة العصر وذلك بعد دخول وقتها أشار إلى ذلك ابن القصار وابن العربي ، وقد قدمنا أنه لا يحتاج إليه ؛ لأن المدة التي بين الظهر والعصر أكثر من المدة التي بين العصر والمغرب ، ويحتمل أن تكون نسبة ذلك إليهم على سبيل التوزيع ، فالقائل : " نحن أكثر عملا " اليهود ، والقائل : " نحن أقل أجرا " النصارى وفيه بعد . وحكى ابن التين أن معناه أن عمل الفريقين جميعا أكثر وزمانهم أطول ، وهو خلاف ظاهر السياق .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فغضبت اليهود والنصارى ) أي : الكفار منهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء ) بنصب " أكثر " و " أقل " على الحال كقوله تعالى : فما لهم عن التذكرة معرضين وقد تقدمت مباحث هذه الجملة في كتاب المواقيت .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( من حقكم ) أطلق لفظ " الحق " لقصد المماثلة وإلا فالكل من فضل الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فذلك فضلي أوتيه من أشاء ) فيه حجة لأهل السنة على أن الثواب من الله على سبيل الإحسان منه جل جلاله .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية