الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 122 ] ( باب النون مع الواو )

                                                          ( نوأ ) ( هـ ) فيه ثلاث من أمر الجاهلية : الطعن في الأنساب ، والنياحة ، والأنواء قد تكرر ذكر " النوء والأنواء " في الحديث .

                                                          ومنه الحديث مطرنا بنوء كذا .

                                                          وحديث عمر " كم بقي من نوء الثريا " والأنواء : هي ثمان وعشرون منزلة ، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها . ومنه قوله تعالى والقمر قدرناه منازل ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر ، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق ، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة . وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر ، وينسبونه إليها ، فيقولون : مطرنا بنوء كذا .

                                                          وإنما سمي نوءا ; لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق ، ينوء نوءا : أي نهض وطلع .

                                                          وقيل : أراد بالنوء الغروب ، وهو من الأضداد .

                                                          قال أبو عبيد : لم نسمع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع .

                                                          وإنما غلظ النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمر الأنواء ; لأن العرب كانت تنسب المطر إليها . فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى ، وأراد بقوله : مطرنا بنوء كذا أي في وقت كذا ، وهو هذا النوء الفلاني ، فإن ذلك جائز : أي إن الله قد أجرى العادة أن يأتي المطر في هذه الأوقات .

                                                          ( س ) وفي حديث عثمان " أنه قال للمرأة التي ملكت أمرها فطلقت زوجها ، فقالت : أنت طالق ، فقال عثمان : إن الله خطأ نوءها ، ألا طلقت نفسها ؟ " قيل : هو دعاء عليها ، كما يقال : لا سقاه الله الغيث ، وأراد بالنوء الذي يجيء فيه المطر .

                                                          قال الحربي : وهذا لا يشبه الدعاء ، إنما هو خبر . والذي يشبه أن يكون دعاء : حديث ابن عباس " خطأ الله نوءها " والمعنى فيهما : لو طلقت نفسها لوقع الطلاق . [ ص: 123 ] فحيث طلقت زوجها لم يقع ، فكانت كمن يخطئه النوء فلا يمطر .

                                                          ( س ) وفي حديث الذي قتل تسعا وتسعين نفسا فناء بصدره أي نهض . ويحتمل أنه بمعنى نأى : أي بعد . يقال : ناء ونأى بمعنى .

                                                          ( س ) ومنه الحديث لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على من ناوأهم أي ناهضهم وعاداهم . يقال : ناوأت الرجل نواء ومناوأة ، إذا عاديته . وأصله من ناء إليك ونؤت إليه ، إذا نهضتما .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث الخيل ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام أي معاداة لهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية