الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1562 - دعاء إسحاق - عليه السلام -

                                                                                            4103 - فأما الرواية عن وهب بن منبه وهو باب هذه العلوم فأخبرنا الحسن بن محمد الإسفرائيني ، ثنا أبو الحسن بن البراء ، ثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، قال : حديث إسحاق حين أمر الله إبراهيم أن يذبحه ، وهب الله لإبراهيم إسحاق في الليلة التي فارقته الملائكة ، فلما كان ابن سبع أوحى الله إلى إبراهيم أن يذبحه ويجعله قربانا ، وكان القربان يومئذ يتقبل ويرفع ، فكتم إبراهيم ذلك إسحاق وجميع الناس وأسره إلى خليل له ، فقال الغازر الصديق وهو أول من آمن بإبراهيم وقوله ، فقال له الصديق : إن الله لا يبتلي بمثل هذا مثلك ولكنه يريد أن يجربك ويختبرك فلا تسوءن بالله ظنك ، فإن الله يجعلك للناس إماما ولا حول ولا قوة لإبراهيم وإسحاق إلا بالله الرحمن الرحيم ، فذكر وهب حديثا طويلا إلى أن قال وهب : وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - [ ص: 433 ] قال : " لقد سبق إسحاق الناس إلى دعوة ما سبقها إليه أحد ويقومن يوم القيامة فليشفعن لأهل هذه الدعوة " . وأقبل الله على إبراهيم في ذلك المقام ، فقال : اسمع مني يا إبراهيم يا أصدق الصادقين ، وقال لإسحاق : اسمع مني يا أصبر الصابرين ، فإني قد ابتليتكما اليوم ببلاء عظيم لم أبتل به أحدا من خلقي ، ابتليتك يا إبراهيم بالحريق ، فصبرت صبرا لم يصبر مثله أحد من العالمين ، وابتليتك بالجهاد في وأنت وحيد وضعيف ، فصدقت وصبرت صبرا وصدقا لم يصدق مثله أحد من العالمين ، وابتليتك يا إسحاق بالذبح ، فلم تبخل بنفسك ولم تعظم ذلك في طاعة أبيك ، ورأيت ذلك هنيئا صغيرا في الله كما يرجو من أحسن ثوابه ويسر به حسن لقائه ، وإني أعاهدكما اليوم عهدا لا أحبسن به ، أما أنت يا إبراهيم فقد وجبت لك الجنة علي ، فأنت خليلي من بين أهل الأرض دون رجال العالمين ، وهي فضيلة لم ينلها أحد قبلك ، ولا أحد بعدك ، فخر إبراهيم ساجدا تعظيما لما سمع من قول الله متشكرا لله . وأما أنت يا إسحاق فتمن علي بما شئت وسلني واحتكم أوتك سؤلك . قال : أسألك يا إلهي أن تصطفيني لنفسك ، وأن تشفعني في عبادك الموحدين ، فلا يلقاك عبد لا يشرك بك شيئا إلا أجرته من النار ، قال له ربه : أوجبت لك ما سألت ، وضمنت لك ولايتك ، ما وعدتكما على نفسي وعدا لا أخلفه ، وعهدا لا أحبسن به ، وعطاء هنيئا ليس بمردود .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية