الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : أي الجارحتين أفضل اللسان أم العينان .

المسألة الثانية أي الجارحتين أفضل اللسان أم العينان ؟ لا شك أن أشرف ما في الإنسان محل العلم منه وهو قلبه ولسانه وسمعه وبصره ولما كان القلب هو محل العلم ، والسمع رسوله الذي يأتي به ، والعين طليعته ، كان ملكا على سائر الأعضاء يأمرها فتأتمر بأمره ، ويصرفها فتنقاد له طائعة بما خص به من العلم دونها ، فلذلك كان ملكها والمطاع فيها .

قال الإمام المحقق ابن القيم في مفتاح دار السعادة : اللسان أحد آيات الله الدالة عليه ، وهو ترجمان ملك الأعضاء يبين عنه ويبلغ عن مقاصده ومراداته ، فجعله سبحانه ترجمانا لملك الأعضاء الذي هو القلب مبينا عنه ، كما جعل الأذن رسولا مؤديا مبلغا إليه ، فهي رسوله وبريده الذي يؤدي إليه الأخبار ، واللسان رسوله وبريده الذي يؤدي عنه ما يريد .

واقتضت حكمته سبحانه أن جعل هذا الرسول مصونا ، محفوظا مستورا غير بارز مكشوف كالأذن والعين والأنف ، لأن تلك الأعضاء لما كانت تؤدي من الخارج إليه جعلت بارزة ظاهرة ، ولما كان اللسان مؤديا منه إلى الخارج جعل مستورا مصونا لعدم الفائدة في إخراجه لأنه لا يأخذ من خارج إلى القلب .

قال وأيضا فإنه لما كان أشرف الأعضاء بعد القلب ، ومنزلته منه منزلة ترجمانه ووزيره ، ضرب عليه سرادق يستره ويصونه ، وجعل في ذلك السرادق كالقلب في الصدر .

فعلم من كلامه أن أشرف الأعضاء بعد القلب اللسان ، وهو كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية