الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 103 ] ابن فارس

                                                                                      الإمام العلامة ، اللغوي المحدث ، أبو الحسين ، أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب القزويني ، المعروف بالرازي ، المالكي ، اللغوي ، نزيل همذان ، وصاحب كتاب : " المجمل " .

                                                                                      حدث عن : أبي الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان ، وسليمان [ ص: 104 ] بن يزيد الفامي ، وعلي بن محمد بن مهرويه القزوينيين ، وسعيد بن محمد القطان ، ومحمد بن هارون الثقفي ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب ، وأحمد بن عبيد الهمذانيين ، وأبي بكر بن السني الدينوري ، وأبي القاسم الطبراني ، وطائفة .

                                                                                      حدث عنه : أبو سهل بن زيرك ، وأبو منصور محمد بن عيسى ، وعلي بن القاسم الخياط المقرئ ، وأبو منصور بن المحتسب ، وآخرون . مولده بقزوين ومرباه بهمذان ، وأكثر الإقامة بالري .

                                                                                      وكان رأسا في الأدب ، بصيرا بفقه مالك مناظرا متكلما على طريقة أهل الحق ، ومذهبه في النحو على طريقة الكوفيين ، جمع إتقان العلم إلى ظرف أهل الكتابة والشعر .

                                                                                      وله مصنفات ورسائل وتخرج به أئمة .

                                                                                      وكان يتعصب لآل العميد ، فكان الصاحب بن عباد يكرهه لذلك . [ ص: 105 ] وقد صنف باسمه كتاب " الحجر " ، فأمر له بجائزة قليلة .

                                                                                      وكان يقول : من قصر علمه في اللغة وغولط غلط .

                                                                                      قال سعد بن علي الزنجاني : كان أبو الحسين من أئمة اللغة ، محتجا به في جميع الجهات غير منازع ، رحل إلى الأوحد في العلوم أبي الحسن القطان ، ورحل إلى زنجان ، إلى صاحب ثعلب أحمد بن الحسن الخطيب ، ورحل إلى ميانج إلى أحمد بن طاهر بن النجم ، وكان يقول : ما رأيت مثله . قال سعد : وحمل أبو الحسين إلى الري ليقرأ عليه مجد الدولة بن فخر الدولة ، وحصل بها مالا منه ، وبرع عليه ، وكان أبو الحسين من الأجواد حتى إنه يهب ثيابه وفرش بيته ، وكان من رءوس أهل السنة المجردين على مذهب أهل الحديث .

                                                                                      قال : ومات بالري في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة وفيها ورخه أبو القاسم بن منده ، ووهم من قال : مات سنة تسعين .

                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن : أخبرنا البهاء عبد الرحمن ، أخبرنا عبد الحق اليوسفي ، أخبرنا هادي بن إسماعيل ، أخبرنا علي بن القاسم ، [ ص: 106 ] أخبرنا أحمد بن فارس اللغوي ، حدثنا علي بن أبي خالد بقزوين ، حدثنا الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عبد الله بن السائب ، عن زاذان ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إن لله ملائكة في الأرض سياحين يبلغوني عن أمتي السلام .

                                                                                      ومن نظم ابن فارس

                                                                                      : سقى همذان الغيث لست بقائل سوى ذا وفي الأحشاء نار تضرم     ومالي لا أصفي الدعاء لبلدة
                                                                                      أفدت بها نسيان ما كنت أعلم     نسيت الذي أحسنته غير أنني
                                                                                      مدين وما في جوف بيتي درهم

                                                                                      وله

                                                                                      : إذا كنت توذى بحر المصيف     ويبس الخريف وبرد الشتا
                                                                                      ويلهيك حسن زمان الربيع     فأخذك للعلم قل لي متى ؟

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية