الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كثرة الغضب

                                                                                                          2020 حدثنا أبو كريب وحدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال علمني شيئا ولا تكثر علي لعلي أعيه قال لا تغضب فردد ذلك مرارا كل ذلك يقول لا تغضب قال أبو عيسى وفي الباب عن أبي سعيد وسليمان بن صرد وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وأبو حصين اسمه عثمان بن عاصم الأسدي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في كثرة الغضب ) قال في القاموس : الغضب بالتحريك ضد الرضا كالمغضبة ، غضب كسمع عليه وله إذا كان حيا وغضب به إذا كان ميتا ، وقال بعض المحققين : الغضب فوران دم القلب أو عرض يتبعه ذلك لدفع المؤذيات وللانتقام بعد وقوعها .

                                                                                                          قوله : ( علمني شيئا ) أي أرشدني بخصوصي إلى عموم ما ينفعني دينا ودنيا ويقربني إلى الله زلفى ( ولا تكثر علي ) من الإكثار ، صلة له والمعنى لا تعلمني أشياء كثيرة ( لعلي أعيه ) أي أحفظ ، قال في القاموس : وعاه يعيه حفظه وجمعه ( لا تغضب ) قيل لعل السائل كان غضوبا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر كل أحد بما هو أولى به فلهذا اقتصر في وصيته له على ترك الغضب ، وقال الخطابي : [ ص: 139 ] معنى قوله لا تغضب : اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه ، وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه لأنه أمر طبعي لا يزول من الجبلة ، وقيل معناه لا تغضب لأن أعظم ما ينشأ عنه الغضب الكبر لكونه يقع عند مخالفة أمر يريده فيحمله الكبر على الغضب ، فالذي يتواضع حتى يذهب عنه عزة النفس يسلم من شر الغضب ، وقيل معناه : لا تفعل ما يأمرك به الغضب ، وقال ابن التين : جمع صلى الله عليه وسلم في قوله : ( لا تغضب ) خير الدنيا والآخرة ; لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين ( فردد ذلك ) أي الرجل السؤال يلتمس أنفع من ذلك ، أو أبلغ أو أعم فلم يزده على ذلك ( مرارا ) أي مرة بعد أخرى ( كل ذلك يقول ( لا تغضب ) في رواية عثمان بن أبي شيبة قال : لا تغضب ثلاث مرات ، وفيها بيان عدد المرار قاله الحافظ فإن قلت : هذا الحديث لا يطابق الباب فإن قوله لا تغضب يدل على النهي عن مطلق الغضب لا عن كثرة الغضب ، قلت : الظاهر أن المراد بقوله لا تغضب النهي عن كثرة الغضب لأن مطلق الغضب غريزة لا يمكن الاجتناب عنه فالمطابقة ظاهرة .

                                                                                                          ( وفي الباب عن أبي سعيد وسليمان بن صرد ) أما حديث أبي سعيد فأخرجه الترمذي في باب خبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة من أبواب الفتن ، وأما حديث سليمان بن صرد فأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه أحمد والبخاري ( وأبو حصين اسمه عثمان بن عاصم الأسدي ) قال في التقريب : عثمان بن عاصم بن حصين الأسدي الكوفي ، أبو حصين بفتح المهملة ، ثقة ثبت سني وربما دلس من الرابعة .




                                                                                                          الخدمات العلمية