الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في المزاح

                                                                                                          1989 حدثنا عبد الله بن الوضاح الكوفي حدثنا عبد الله بن إدريس عن شعبة عن أبي التياح عن أنس قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى إن كان ليقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير حدثنا هناد حدثنا وكيع عن شعبة عن أبي التياح عن أنس نحوه وأبو التياح اسمه يزيد بن حميد الضبعي قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( باب ما جاء في المزاح ) في القاموس : مزح كمنع مزحا مزاحا ومزاحة بضمهما داعب ومازحه ممازحة ومزاحا بالكسر وتمازحا انتهى ، وفي الصراح : مزح لاغ كردن ، قال النووي : اعلم أن المزاح المنهي هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ويشغل عن ذكر الله والكفر في مهمات الدين ، ويئول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار ، فأما ما سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله على الندرة ، لمصلحة تطييب نفس المخاطب ومؤانسته ، وهو سنة مستحبة ، فاعلم هذا فإنه مما يعظم الاحتياج إليه انتهى .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا عبد الله بن الوضاح الكوفي ) أبو محمد اللؤلؤي مقبول من كبار الحادية عشرة [ ص: 107 ] ( عن أبي التياح ) بمثناة ثم تحتانية ثقيلة وآخره مهملة اسمه يزيد بن حميد الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة بصري مشهور بكنيته ثقة ثبت من الخامسة .

                                                                                                          قوله : ( إن ) مخففة من المثقلة واسمها ضمير الشأن أي إنه ( ليخالطنا ) بفتح اللام وتسمى لام الفارقة وفي نسخة للشمائل : ليخاطبنا ، والمعنى ليخالطنا غاية المخالطة ، ويعاشرنا نهاية المعاشرة ، ويجالسنا ويمازحنا ( حتى إن ) مخففة من المثقلة ( كان ليقول لأخ لي ) أي من أمي وأبوه أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري ( يا أبا عمير ) بالتصغير ( ما فعل ) بصيغة الفاعل ، أي ما صنع ( النغير ) بضم ففتح تصغير نغر بضم النون وفتح الغين المعجمة ، طائر يشبه العصفور أحمر المنقار وقيل هو العصفور ، وقيل هو العصفور صغير المنقار أحمر الرأس ، وقيل أهل المدينة يسمونه البلبل ، والمعنى ما جرى له حيث لم أره معك ، وزاد في رواية الصحيحين : وكان له نغير يلعب به فمات ، ففي قوله صلى الله عليه وسلم تسلية له على فقده بموته ، قال الطيبي : حتى غاية قوله يخالطنا وضمير الجمع لأنس وأهل بيته أي انتهت مخالطته لأهلنا كلهم حتى الصبي وحتى الملاعبة معه وحتى السؤال عن فعل النغير ، وقال الراغب : الفعل التأثير من جهة مؤثرة ، والعمل كل فعل يكون من الحيوان بقصد وهو أخص من الفعل ; لأن الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها بغير قصد وقد ينسب إلى الجمادات انتهى كلامه ، فالمعنى ما حاله وشأنه ؟ ذكره الطيبي .

                                                                                                          تنبيه : قال الحافظ في الفتح : ذكر أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاسم الفقيه الشافعي في أول كتابه أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها ومثل ذلك بحديث أبي عمير هذا ، قال وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجها ثم ساقها مبسوطة فلخصتها مستوفيا بمقاصده ثم أتبعته بما تيسر من الزوائد عليه ، ثم ذكر الحافظ ما لخصه وما زاد عليه ، فإن شئت الوقوف عليه فراجع الفتح في شرح حديث أنس المذكور في باب الكنية للصبي قبل أن يولد له ، قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .




                                                                                                          الخدمات العلمية