الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الحروف ) أي هذا فصل بيان معنى الحروف . قال القاضي عضد الدين قد قال النحاة : إن الحرف لا يستقل بالمعنى . وعليه إشكال . فتقرر المراد أولا ، والإشارة إلى الإشكال ثانيا ، وحله ثالثا .

أما تقريره : فهو أن نحو " من " و " إلى " مشروط في وضعها دالة على معناها الإفرادي ، وهو الابتداء والانتهاء . وذكر متعلقها من دار أو سوق أو غيرهما ، مما يدخل عليه الحرف ، ومنه الابتداء ، وإليه الانتهاء . والاسم نحو الابتداء والانتهاء ، والفعل نحو " ابتدأ وانتهى " غير مشروط فيه ذلك .

وأما الإشكال : فهو أن نحو : ذو ، وأولو ، أولات ، وقيد ، وقيس ، وقاب ، وأي ، وبعض ، وكل ، وفوق ، وتحت ، وأمام ، وقدام ، وخلف ، ووراء : مما لا يحصى كذلك ، إذ لم يجوز الواضع استعمالها إلا بمتعلقاتها . فكان يجب كونها حروفا . وإنها أسماء . [ ص: 73 ] وأما الحل : فهو أنها - وإن لم يتفق استعمالها إلا كذلك ، لأمر ما عرض .

فغير مشروط في وضعها [ دالة ] ذلك لما علم أن " ذو " بمعنى صاحب ويفهم منه عند الإفراد ذلك ، ولكن وضعه له لغرض ما ، وهو التوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس ، في نحو : زيد ذو مال : وذو فرس ، فوضعه ليتوصل به إلى ذلك هو الذي اقتضى ذكر المضاف إليه . لا أنه لو ذكر دونه لم يدل على معناه نعم لم يحصل الغرض من وضعه ، والفرق بين عدم فهم المعنى ، وبين عدم فائدة الوضع مع فهم المعنى ظاهر وكذلك " فوق " وضع لمكان له علو . ويفهم منه عند الانفراد ذلك ، ولكن وضعه له ليتوصل [ به ] إلى علو خاص ، اقتضى ذكر المضاف إليه وكذلك باقي الألفاظ . وإذ قد تحقق ذلك فنقول : الحرف : ما وضع باعتبار معنى عام ، وهو نوع من النسبة كالابتداء والانتهاء ، لكل ابتداء أو انتهاء معين بخصوصه والنسبة لا تتعين إلا بالمنسوب إليه . فالابتداء الذي للبصرة يتعين بالبصرة . والانتهاء الذي للكوفة يتعين بالكوفة فما لم يذكر متعلقه ، لا يتحصل فرد من ذلك النوع الذي هو مدلول الحرف ، لا في العقل ولا في الخارج ، وإنما يتحصل بالمنسوب إليه ، فيتعقل بتعقله ، بخلاف ما وضع للنوع بعينه .

كالابتداء والانتهاء ، [ و ] بخلاف ما وضع لذات ما باعتبار نسبة . نحو " ذو وفوق وعلى ، وعن ، والكاف " إذا أريد بها علو وتجاوز وشبه مطلقا . فهو كالابتداء [ والانتهاء ] ا هـ . والمراد بالحروف هنا : ما يحتاج الفقيه إلى معرفته من معاني الألفاظ المفردة ، لا الحرف الذي هو قسيم الاسم والفعل لأنه قد ذكر معها أسماء . كإذا وإذ .

وأطلق عليها لفظ الحروف تغليبا . باعتبار الأكثر .

التالي السابق


الخدمات العلمية