الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ( 75 ) وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون ( 76 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى ( أفتطمعون ) أفترجون ؟ يريد : محمدا وأصحابه ( أن يؤمنوا لكم ) تصدقكم اليهود بما تخبرونهم به ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ) يعني التوراة ( ثم يحرفونه ) يغيرون ما فيها من الأحكام ( من بعد ما عقلوه ) علموه كما غيروا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وآية الرجم ( وهم يعلمون ) أنهم كاذبون ، هذا قول مجاهد وقتادة وعكرمة والسدي وجماعة وقال ابن عباس ومقاتل : نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى لميقات ربه ، وذلك أنهم لما رجعوا - بعدما سمعوا كلام الله - إلى قومهم رجع الناس إلى قولهم ، وأما الصادقون منهم فأدوا كما سمعوا ، وقالت طائفة منهم : سمعنا الله يقول في آخر كلامه إن استطعتم أن تفعلوا فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا ، فهذا تحريفهم وهم يعلمون أنه الحق .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وإذا لقوا الذين آمنوا ) قال ابن عباس والحسن وقتادة : يعني منافقي اليهود الذين آمنوا بألسنتهم إذا لقوا المؤمنين المخلصين ( قالوا آمنا ) كإيمانكم ( وإذا خلا ) رجع ( بعضهم إلى بعض ) - كعب بن الأشرف وكعب بن أسد ووهب بن يهودا وغيرهم من رؤساء اليهود - لأمرهم على ذلك ( قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ) بما قص الله عليكم في كتابكم : أن محمدا حق وقوله صدق . والفتاح القاضي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الكسائي : بما بينه الله لكم [ من العلم بصفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ، وقال : ] الواقدي : بما أنزل الله عليكم ، ونظيره : ( لفتحنا عليهم بركات من السماء ) ( 44 - الأنعام ) أي أنزلنا ، وقال أبو عبيدة : بما من الله عليكم وأعطاكم ( ليحاجوكم به ) ليخاصموكم ، يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحتجوا بقولكم [ ص: 114 ] ( عليكم ) فيقولوا : قد أقررتم أنه نبي حق في كتابكم ثم لا تتبعونه!! وذلك أنهم قالوا لأهل المدينة حين شاوروهم في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم : آمنوا به فإنه حق ثم قال بعضهم لبعض : أتحدثونهم بما أنزل الله عليكم لتكون لهم الحجة عليكم ( عند ربكم ) في الدنيا والآخرة وقيل : إنهم أخبروا المؤمنين بما عذبهم الله به ، على الجنايات فقال بعضهم لبعض : [ أتحدثونهم بما أنزل الله عليكم من العذاب ليحاجوكم به عند ربكم ، ليروا الكرامة لأنفسهم عليكم عند الله وقال مجاهد : هو قول يهود قريظة قال بعضهم لبعض ] حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " يا إخوان القردة والخنازير " فقالوا : من أخبر محمدا بهذا ؟ ما خرج هذا إلا منكم ، ( أفلا تعقلون ) .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية