الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 183 ] كتاب الوصايا قوله ( وهي الأمر بالتصرف بعد الموت ، والوصية بالمال : هي التبرع به بعد الموت ) . هذا الحد هو الصحيح . جزم به في الوجيز وغيره وصححه في الشرح ، وغيره . وقدمه في المستوعب ، وغيره . وقال أبو الخطاب : هي التبرع بما يقف نفوذه على خروجه من الثلث . فعلى قوله تكون العطية في مرض الموت وصية . والصحيح خلافه . قال في المستوعب : وفي حده اختلاف من وجوه أحدها : أنه يدخل فيه تبرعه بهباته وعطاياه المنجزة في مرض موته . وذلك لا يسمى وصية . ويخرج منه : وصية بما زاد على الثلث . فإنها وصية صحيحة موقوفة على إجازة الورثة . ويخرج منه أيضا : وصية بفعل العبادات ، وقضاء الواجبات ، والنظر في أمر الأصاغر من أولاده ، وتزويج بناته ، ونحو ذلك .

تنبيه : قوله ( وتصح من البالغ الرشيد ، عدلا كان أو فاسقا ، رجلا أو امرأة ، مسلما أو كافرا ) . هذا صحيح بلا نزاع في الجملة . وقد شمل العبد . وهو صحيح . ذكره الأصحاب . منهم المصنف ، وغيره . فإن كان فيما عدا المال : فصحيح وإن كان في المال . فإن مات قبل العتق : فلا وصية على المذهب . لانتفاء ملكه . [ ص: 184 ] وإن قيل يملك بالتمليك : صحت . ذكره بعض الأصحاب . والمكاتب والمدبر وأم الولد كالقن . وشمل كلامه أيضا : المحجور عليه لفلس . فتصح حتى لو كانت الوصية بعين من ماله . لأنه قد يتحول ما بقي من الدين . فلا يتعين المال الأول إذن للغرماء . وإن مات قبل ذلك لغت الوصية . قال في الكافي وغيره : هذا إذا لم يعاين الموت .

فأما إذا عاين الموت : لم تصح وصيته . لأن الوصية قول . ولا قول له ، والحالة هذه .

وتقدم في آخر الباب الذي قبله قبل قوله " الحامل عند المخاض " ما يتعلق بذلك ، فليراجع . قوله " مسلما كان أو كافرا " تصح وصية المسلم بلا نزاع . وكذا تصح وصية الكافر مطلقا . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقطع به في الفروع ، وغيره . وقيل : لا تصح من مرتد . وأطلق الوجهين في الرعايتين ، والحاوي الصغير .

تنبيه : شمل كلام المصنف صحة وصية العبد . وهو صحيح . صرح به المصنف وغيره من الأصحاب . فينفذ فيما عدا المال . وأما المال : فإن مات قبل العتق ، فلا وصية على المذهب . وإن قيل : يملك صحت . ذكره بعض الأصحاب . نقله الحارثي . قلت : وهو ضعيف . وإن مات بعد العتق : نفذت بلا خلاف . والمكاتب والمدبر وأم الولد كالقن . فلو قال : متى عتقت ثم مت . فثلثي لفلان : نفذ . نقله الحارثي .

التالي السابق


الخدمات العلمية