الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 187 ] قالوا حديث يبطله القرآن .

        17 - مفهوم الكفر .

        قالوا : رويتم أنه قال - عليه السلام - من ترك قتل الحيات مخافة الثأر فقد كفر والله تعالى يقول : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وهذا إن كان ذنبا فهو من الصغائر ، فكيف نكفره وأنتم تروون " من زنى ومن سرق ، إذا قال لا إله إلا الله فهو مؤمن ، وهو في الجنة ، ثم تكفرون بترك قتل الحيات ، وفي هذا اختلاف وتناقض .

        قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس هاهنا اختلاف ولا تناقض ، ولم يكن القصد لترك قتل الحيات ولا أن ذلك يكون عظيما من الذنوب يخرج به الرجل إلى الكفر ، وإنما العظيم أن يتركها خشية الثأر ، وكان هذا أمرا من أمور الجاهلية ، وكانوا يقولون : إن الجن تطلب بثأر الجاني إذا قتل ، [ ص: 188 ] فربما قتلت قاتله وربما أصابته بخبل وربما قتلت ولده .

        فأعلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن هذا باطل ، وقال من صدق بهذا فقد كفر ، يريد بما أتينا به من بطلانه .

        والكفر عندنا صنفان : أحدهما الكفر بالأصل كالكفر بالله تعالى أو برسله أو ملائكته أو كتبه أو بالبعث وهذا هو الأصل الذي من كفر بشيء منه فقد خرج عن جملة المسلمين ، فإن مات لم يرثه ذو قرابته المسلم ولم يصل عليه .

        والآخر الكفر بفرع من الفروع على تأويل الكفر بالقدر ، والإنكار للمسح على الخفين ، وترك إيقاع الطلاق الثلاث ، وأشباه هذا . وهذا لا يخرج به عن الإسلام ولا يقال لمن كفر بشيء منه كافر كما أنه يقال للمنافق آمن ، ولا يقال مؤمن .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية