الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الفأرة تموت في السمن

                                                                                                          1798 حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وأبو عمار قالا حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن فأرة وقعت في سمن فماتت فسئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألقوها وما حولها وكلوه قال وفي الباب عن أبي هريرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ولم يذكروا فيه عن ميمونة وحديث ابن عباس عن ميمونة أصح وروى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وهو حديث غير محفوظ قال وسمعت محمد بن إسمعيل يقول وحديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه أنه سئل عنه فقال إذا كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه هذا خطأ أخطأ فيه معمر قال والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا سعيد بن عبد الرحمن ) هو المخزومي ( وأبو عمار ) اسمه حسين بن حريث الخزاعي ( حدثنا سفيان ) هو ابن عيينة ( عن عبيد الله ) بن عبد الله بن عتبة .

                                                                                                          قوله : ( أن فأرة وقعت في سمن ) وفي رواية النسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك في سمن جامد ، ( فماتت ) أي فيه ( فسئل عنها ) أي ما يترتب على موتها ( فقال ألقوها ) أي أخرجوا الفأرة واطرحوها ( وما حولها ) أي كذلك إذا كان جامدا ( فكلوه ) أي السمن يعني باقيه في شرح السنة فيه دليل على أن غير الماء من المائعات إذا وقعت فيه نجاسة ينجس ، قل ذلك المائع أو كثر بخلاف الماء حيث لا ينجس عند الكثرة ما لم يتغير بالنجاسة . واتفقوا على أن الزيت إذا مات فيه فأرة أو وقعت فيه نجاسة أخرى ، أنه ينجس ولا يجوز أكله ، وكذا لا يجوز بيعه عند أكثر أهل العلم . وجوز أبو حنيفة بيعه ، واختلفوا في الانتفاع به ، فذهب جماعة إلى أنه لا يجوز الانتفاع به [ ص: 421 ] لقوله صلى الله عليه وسلم : " فلا تقربوه " وهو أحد قولي الشافعي وذهب قوم إلى أنه يجوز الانتفاع به بالاستصباح وتدهين السفن ونحوه ، وهو قول أبي حنيفة وأظهر قولي الشافعي . والمراد من قوله : ( فلا تقربوه ) أكلا وطعما لا انتفاعا انتهى . قال الحافظ وقد تمسك ابن العربي بقوله وما حولها على أنه كان جامدا . قال : لأنه لو كان مائعا لم يكن له حول ; لأنه لو نقل من أي جانب مهما نقل لخلفه غيره في الحال ، فيصير مما حولها فيحتاج إلى إلقائه كله ، كذا قال : وقد وقع عند الدارقطني من رواية يحيى القطان عن مالك في هذا الحديث ، فأمر أن يقور ما حولها فيرمي به . قال الحافظ : وهذا أظهر في كونه جامدا من قوله : وما حولها ، فيقوي ما تمسك به ابن العربي انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة ) أخرجه أحمد وأبو داود عنه مرفوعا : إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامدا فألقوها وما حولها ، وإن كان مائعا فلا تقربوه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري وأبو داود والنسائي ( وحديث ابن عباس عن ميمونة أصح إلخ ) قد ذكر الحافظ في الفتح في باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء من كتاب الوضوء وجه كون حديث ابن عباس عن ميمونة أصح ، وكذا ذكر فيه أيضا وجه كون حديث معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة خطأ فمن شاء الوقوف على ذلك فليراجعه .




                                                                                                          الخدمات العلمية